ارتفعت حاجة التمويل في المصارف المغربية إلى 53 بليون درهم (نحو ستة بلايين دولار) في نهاية الربع الأول من العام الحالي، في مقابل 37 بليوناً مطلع السنة، نتيجة شح السيولة النقدية بسبب ضعف الموارد من الودائع، وتنامي طلبات القروض من الشركات والأفراد التي باتت قيمتها الإجمالية تقدر ب730 بليون درهم (نحو 87 بليون دولار)، بزيادة 10 بلايين دولار نهاية العام الماضي. وطلب المصرف المركزي من المصارف التجارية زيادة احتياطها النقدي لمواجهة ضعف السيولة، والاستمرار في تمويل الاقتصاد الوطني، بخاصة الشركات الصغرى والمتوسطة التي تعاني صعوبات تحصيل القروض والتسهيلات المالية، بعكس الشركات الكبرى التي ترفع قروضها من السوق المالية الثانوية. وكان «المركزي» خفض أسعار الفائدة المرجعية 25 نقطة أساس لمساعدة الشركات على الاقتراض. وتوقع أن ترتفع حاجة الخزينة العامة إلى التمويل المحلي من 34 إلى 40 بليون درهم لتسديد ديون سابقة، وتقليص العجز المسجل في الموازنة من 6 إلى 5 في المئة من الناتج الإجمالي. وتحتاج الخزينة المغربية إلى تمويلات إضافية إجمالية لا تقل عن 60 بليون درهم لمواجهة النفقات المختلفة التي تحتاجها الموازنة التي تعتبر الأصعب من نوعها منذ عقدين. وتوقع مراقبون أن تلجأ الحكومة مجدداً إلى إصدار سندات خزينة لرفع تلك التمويلات أو جزء منها، وهو أمر تنتقده «الكونفيديرالية العامة لمقاولات المغرب» (سي جي أم)، والتي تعتقد أن عجز الخزينة يحرم القطاع الخاص من التمويلات الضرورية، ويزيد أسعار الفائدة المدينة، ويقلص حظوظ الشركات الصغرى في التوسع والاستثمار. وفي انتظار تصديق موازنة 2012 في البرلمان، يواصل المصرف المركزي تقديم سلفات إلى المصارف التجارية (عبر الخزينة العامة) لتسديد أجور الموظفين وبعض النفقات التي يسمح بها الفصل 75 من الدستور المغربي الجديد. ولم يستبعد وزير المال والاقتصاد نزار بركة في تصريح إلى «الحياة»، التوجه إلى السوق المالية الدولية لرفع قروض سيادية بقيمة بليوني يورو لزيادة سيولة المصارف التجارية التي تقلصت مواردها بسبب خفض عائدات السياحة والتحويلات والاستثمارات الأجنبية. لكن الحكومة لم تحدد بعد تاريخ إطلاق عملية الاقتراض الخارجي ومكانها، وإن كانت تُفضل عليها «نادي باريس» (تعاقدات ثنائية) على «نادي لندن» الذي يمثل 17 في المئة من مجموع ديون المغرب المقدرة ب48 بليون دولار. وكان ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الأساسية في السوق الدولية أضر بحجم الاحتياط النقدي لدى المصرف المركزي المغربي، وزاد قيمة نفقات صندوق المقاصة لدعم الأسعار التي يتوقع لها 60 بليون درهم تدفع منها الحكومة 32 بليوناً، والبقية تُحصّل من ضرائب جديدة، مع احتمال زيادة أسعار المحروقات الصيف المقبل. وكانت إيرادات الخزينة من الضرائب على المحروقات بلغت العام الماضي 23،5 بليون درهم.