ذات يوم، خرجت لاستكمال إجراءات معاملة في إحدى الإدارات الحكومية بحي الروضة في الرياض، دخلت الإدارة، أخذت ورقة شروط القبول، وسألت الموظف المختص، هل هناك شرط يتطلب مني استيفاءه لم يُضمّن من ضمن الشروط قبل التقديم؟ قال: الشروط وحدها هي التي بين يديك، وبعد أن أتممتها، قدمت معاملتي للإدارة نفسها لاستكمال الإجراءات، تفاجأت حينها بموعد «بعيد الأمد» لمتابعة تلك المعاملة، وليس «البتّ» فيها، الموعد كان بعد 30 يوماً، إذ تم التقديم في 20 صفر 1435ه، وأُرِخ موعد «المراجعة» في 20 ربيع الأول 1435ه. إلى هنا توقف كل شيء، إذ إن الموعد هذا لا يناسبني، لأن هناك إدارة أخرى تنتظر رد هذه الإدارة في وقت لا يتجاوز شهراً، كما هو مرفق في أسفل الخطاب الموجه. وبحسن نية، خرجت إلى المدير المختص، وأبلغته بأمر موعد المعاملة، كي يتم الرد عليها، قال: «النظام عليك وعلى غيرك، التزم بالتاريخ»! في الحقيقة، لو كانت مدة موعد معاملتي كغيرها من المعاملات لما سخطت. وذهبت أبحث عن «واسطة»، لأن أسلوب «المدير» حقيقةً دفعني إلى ذلك، فخرجت من الإدارة، اتصلتُ بشخص، فأردفت له قائلاً: «هذه الإدارة لا تريد إنجاز أمري»! قال: «هل تعرفُ أحداً فيها»! قلت له: «أنا لا أحتاج واسطة، لأني نظامي من جميع النواحي، لدي مشكلة الوقت فقط»! قال: «كن نظامياً بالواسطة»! عملت بما قال لي، بحثت عن الواسطة، بقدرة قادر، وجدت واسطة «مؤثرة» في تلك الإدارة، أنجزت معاملتي «الأربعاء» بعد طباعة الموعد «الأحد» الأول من الأسبوع نفسه، وتم تفصيل هذا على أمرين: إما أن إداراتنا لا تتحرك إلا بنظام «الواسطة»، فتُهمشّ دور النظام العام عمداً! أو أن مواعيد إداراتنا لا أساس لها! وهناك استنتاجات عدة، يمكننا إرفاقها ضمن هذه القائمة اللامحدودة، وفي جميع القوائم النظام للأسف «معطل»! معالجة هذا الإشكالية لا تتم إلا بحملتين: الأولى، ضد الموظفين الذين «يقتنصون الواسطات» في الأماكن الأخرى، ولا ينفّذون المعاملات إلا «بورقة» أو «اتصال» من جوال! والثانية: ضد المواطنين الذين «يقتنصون موظفي الواسطات»، الباحثين عن ما يكمل معاملاتهم فوق النظام. النظام له احترامه، ولمطبقيه أيضاً احترامهم، ويسري على الكبير قبل الصغير، والمجنون قبل العاقل يطبق مهما كانت الظروف والأحوال، أما نحن فأصحاب استثناءات وأصحاب علاقات، تسري فوق النظام! «استفسار»، هل نحن بحاجة إلى إنشاء لجان مصغرة لمراجعة معاملات المواطنين في كل إدارة حكومية تعقيباً بعد الموظفين؟ وهل نحن بحاجة إلى «واسطة» في كل معاملة عند مراجعتنا لأية إدارة حكومية؟ وهل نحن بحاجة إلى وقت طويل، كي نختصر كل هذه المشكلات في الإدارات؟ ختاماً: لا أعتقد أن هناك مسؤولاً في هذه الدولة يرضى بتعطيل النظام العام للمعاملات وتفشي نظام الواسطة، سواء أكان على مستوى الإدارات أم على مستوى المؤسسات أم على أية جهة تابعة للدولة. عبدالله حمود العويد - الرياض [email protected]