قرر قضاة تونس إنهاء اضراب عام بدأوه الاربعاء الماضي لمدة اسبوع، بعدما رأوا ان باب السلطة القضائية في الدستور اصبح "يشكل اطاراً عاماً ملائماً لبناء وتطوير سلطة قضائية مستقلة"، بعد مصادقة المجلس التأسيسي عليه. وكان القضاة قرروا القيام بهذا الاضراب احتجاجاً على ما اعتبروه غياب ضمانات استقلالية القضاء في مشروع الدستور الجديد للبلاد. وجاء قرارهم اليوم غداة مصادقة المجلس التأسيسي (البرلمان) على باب السلطة القضائية في الدستور، بعد إدخال تعديلات "توافقية" على الصيغ الاصلية لفصوله التي أثارت حفيظة القضاة. وقالت "جمعية القضاة التونسيين" التي دعت الى الاضراب العام، في بيان، ان باب السلطة القضائية في الدستور اصبح "يشكل (بعد مصادقة المجلس عليه) إطاراً عاماً ملائماً لبناء وتطوير سلطة قضائية مستقلة". وقالت الجمعية، وهي الهيكل النقابي الاكثر تمثيلاً للقضاة في تونس، انها "قررت إيقاف الإضراب (العام) الذي حدد بأسبوع منذ 15 كانون الثاني (يناير) الجاري". وأبدت الجمعية في المقابل "تحفظات على مضمون بعض الفصول التي لم ترتق إلى مستوى المعايير الدولية". ومساء الخميس الماضي، أنهى المجلس التأسيسي في اجواء سادها التوتر بين نواب المعارضة العلمانية وحركة "النهضة" الاسلامية، صاحبة غالبية المقاعد في المجلس (90 من إجمالي 217 مقعدا)، المصادقة على فصول باب السلطة القضائية في الدستور بعد إدخال تعديلات "توافقية" على صيغها الأصلية. واتهم قضاة ونواب المعارضة، حركة "النهضة" بالسعي الى تمرير صيغ في الدستور تضمن "إخضاع" الحكومة للقضاء، فيما اتهمت الحركة القضاة بالرغبة في "التغوّل" والانفلات من كل رقابة. وكانت الجلسات العامة للمجلس التأسيسي المخصصة للمصادقة على فصول الدستور توقفت منذ الثلثاء لتستأنف مساء الخميس بسبب خلافات عميقة بين حركة "النهضة" والمعارضة حول صياغة فصول في باب السلطة القضائية. واحتدم الخلاف في شكل خاص حول الفصل 103 الذي ينظم تعيين القضاة، والقضاة "السامين" (الكبار). والخميس الماضي جرت المصادقة على هذا الفصل بعد إدخال تعديلات "توافقية" عليه. وينص الفصل 103 على التالي: "يُسمى (يُعيَن) القضاة بأمر رئاسي بناء على رأي مطابق (مُلزم) من المجلس الأعلى للقضاء. يسمّى القضاة السامون بأمر رئاسي بالتشاور مع رئيس الحكومة، بناء على ترشيح حصري من المجلس الأعلى للقضاء، ويضبط القانون الوظائف القضائية السامية". والثلثاء رفض المجلس المصادقة على الفصل 103 في صيغة أولى دافعت عنها حركة النهضة. وكان الفصل 103 يقول في فقرته الثانية التي دافعت عنها حركة النهضة "تتم التعيينات في الوظائف العليا القضائية بمقتضى أمر حكومي بناء على اقتراح من وزير العدل ويضبط القانون هذه الوظائف". وطالبت نقابتا القضاة الوحيدتان في تونس بحذف هذه الفقرة معتبرتين انها تفتح الباب امام تسييس القضاء وإخضاعه للحكومة.