تخضع خريطة الطريق التي عزل الجيش المصري بموجبها الرئيس السابق محمد مرسي إثر تظاهرات شعبية في تموز (يوليو) الماضي، لأول اختبار انتخابي في الاستفتاء على مشروع الدستور المعدّل الذي يجرى اليوم وغداً. وفي حين دعت جماعة «الإخوان المسلمين» وحلفاؤها إلى تظاهرات، استنفر الحكم الموقت لتأمين نسبة مشاركة مرتفعة لتجريد «الإخوان» من استغلال ورقة الشرعية الانتخابية. وطلب الرئيس الموقت عدلي منصور ووزير الدفاع عبدالفتاح السيسي من المصريين الاحتشاد أمام لجان الاقتراع، متعهدين حمايتهم. ويتجاوز الاقتراع في أهميته مجرد تمرير الدستور، إذ أنه مؤشر إلى حجم التأييد الذي يلقاه الجيش وستلعب نتيجته دوراً رئيساً في حسم ملف ترشح السيسي للرئاسة. وأثار احتمال ترشح السيسي جدلا أمس حين أعلن رئيس الوزراء الإماراتي حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تفضيله بقاء السيسي على رأس الجيش وترشح «شخص آخر للرئاسة»، قبل أن تصدر الوكالة الإماراتية الرسمية توضيحاً يؤكد أن تصريحات رئيس الوزراء «نصيحة أخوية» تقضي بأن «لا يترشح الفريق السيسي كعسكري لمنصب رئيس الجمهورية أما ترشحه كمدني استجابة لمطالب شعبية فهو أمر شخصي». ويحق لنحو 53 مليون ناخب الاقتراع في الاستفتاء الذي سيجرى في أكثر من 30 ألف لجنة انتخابية. وأظهرت نتائج غير رسمية لاقتراع المغتربين الذي انتهى أول من أمس تأييداً كبيراً لمشروع الدستور تجاوز 90 في المئة في غالبية البلدان، وإن بقيت نسبة المشاركة ضعيفة عند حدود 15 في المئة بسبب إلغاء التصويت بالبريد. وأنهت السلطات الإعداد للاقتراع في الداخل الذي ينطلق في التاسعة صباحاً، ودفع الجيش والشرطة بنحو 400 ألف ضابط وجندي لتأمين اللجان. وخصصت القوات المسلحة طائرات عسكرية لنقل أكثر من ألف قاضٍ مشرفين على الاستفتاء في المناطق النائية. وراجع وزير الداخلية محمد إبراهيم استعدادات قوات الأمن المركزي، قبل أن يجتمع بمساعديه، متعهداً «التعامل بمنتهى الحزم والحسم مع أي مظهر من مظاهر الخروج على القانون». وشدد على أن «يد الأمن حازمة وقوية في مواجهة المؤامرات والهجمة الشرسة التي يتعرض لها الوطن داخلياً وخارجياً»، فيما شهد رئيس أركان الجيش الفريق صدقي صبحي عرضاً للقوات الخاصة والصاعقة والمظلات والشرطة العسكرية ووحدات من الأمن المركزي والحماية المدنية والقوات الجوية تضمن التدريب على أساليب تأمين اللجان. وقال الناطق باسم اللجنة القضائية المشرفة على الاستفتاء القاضي هشام مختار ان اللجنة «وضعت ضوابط دقيقة لضمان عدم تكرار التصويت». ولفت إلى أن «مجرد الشروع في محاولة الإدلاء بالصوت مرة ثانية يعاقب عليه القانون بالسجن». وأشار إلى أن «هناك أكثر من 17 ألف متابع من منظمات المجتمع المدني تم منحهم تصاريح متابعة الاستفتاء، وتم استبعاد 4 منظمات» تابعة ل «الإخوان». واستبقت أجهزة الأمن الاستفتاء بحملات دهم أوقفت خلالها عشرات من أعضاء جماعة «الإخوان» في محافظات عدة، فيما انتقد المجلس القومي لحقوق الإنسان التابع للدولة القبض على مواطنين بسبب دعايتهم ضد الدستور الجديد. وشهدت القاهرة والمحافظات أمس هدوءاً ميدانياً في ظل عطلة الجامعات والمدارس لمناسبة المولد النبوي الشريف، ولم تُسجل تظاهرات لأنصار مرسي، فيما دعا «تحالف دعم الشرعية» الذي تقوده جماعة «الإخوان» في بيان إلى التظاهر اليوم «بعيداً من لجان الاستفتاء». وجدد دعوته إلى مقاطعة الاستفتاء. ورأى أن «الانقلابيين خسروا جولة جديدة أمام الشعب بسقوط مدو لوثيقتهم السوداء الباطلة تحت أقدام الإرادة الحرة للمصريين في الخارج... حان دوركم في الداخل لاستكمال مشهد إسقاط استفتاء الدم بحشود حضارية سلمية». وانضم حزب «مصر القوية» الذي يترأسه القيادي السابق في «الإخوان» عبدالمنعم أبو الفتوح إلى مقاطعي الاستفتاء، بعدما كان قرر الحشد لرفض مشروع الدستور. وبرر قراره في بيان ب «منح الوافدين الحق في الاقتراع خارج مقار إقامتهم، ما يلغي أحد أهم ضمانات نزاهة الاستفتاء، إضافة إلى الأجواء التي صاحبت ما قبل عملية الاستفتاء من شحن جماهيري وتوجيه إعلامي فج سواء كان حكومياً أو خاصاً... وحملة الاعتقالات والانتهاكات الأمنية التي تعرض لها أعضاء الحزب أثناء دعوة المواطنين إلى التصويت بلا على الدستور».