استنفرت القاهرة أمس قبل ساعات من انطلاق الاستفتاء على مشروع الدستور، ودخل الرئيس الموقت عدلي منصور على خط الحشد، داعياً المصريين إلى «الاقتراع بقوة»، فيما راجع قائد الجيش عبدالفتاح السيسي استعدادات تأمين الاقتراع، متعهداً «حماية إرادة الشعب». وانتهى أمس اقتراع المغتربين وسط مؤشرات إلى تدني نسبة المشاركة بسبب إلغاء التصويت البريدي. وكان المصريون المغتربون واصلوا أمس التوافد على البعثات الديبلوماسية المصرية للمشاركة في اليوم الأخير من الاستفتاء. وأوضحت وزارة الخارجية في بيان أن نحو 94 ألفاً من أصل 681 ألف ناخب مسجل في الخارج أدلوا بأصواتهم حتى السبت (14 في المئة تقريباً). وتعزى هذه النسبة الضعيفة إلى إلغاء الاقتراع بالبريد، ما حرم المقيمين خارج العواصم من التصويت، وهو القرار الذي دافعت السلطات عنه بحجة «منع شبهة التصويت الجماعي». وأكدت الخارجية أن الاقتراع «جرى وسط أجواء هادئة رغم بعض المحاولات لعرقلته». وكان مقرراً أن تبدأ عملية فرز الأصوات عقب إغلاق لجان الاقتراع في التاسعة مساء أمس. لكن لن تعلن النتائج رسمياً انتظاراً لنتائج الاقتراع في الداخل الذي ينطلق غداً ويشارك فيه نحو 53 مليون ناخب في الاقتراع على مدى يومين في نحو 30 ألف لجنة انتخابية موزعة على المحافظات، تحت إشراف 14 ألف قاض. وأعلنت اللجنة القضائية المشرفة على الاستفتاء حظر الدعاية في محيط 200 متر خارج لجان الاقتراع بأي وسيلة. وأشارت في بيان إلى أن رؤساء اللجان الفرعية من القضاة بدأوا أمس في تسلم الأوراق والمستندات اللازمة لعملية الاقتراع من مقار المحاكم الابتدائية التابعة لها لجانهم، وأن القضاة سيتسلمون مقار اللجان صباح يوم الاقتراع للتأكد من صلاحيتها وتوافر الأدوات اللازمة لعملية الاستفتاء. وأشارت إلى أن عمليات فرز الأصوات ستتم داخل مقار اللجان الفرعية عقب إغلاق صناديق الاقتراع مساء الأربعاء، إذ سيقوم رئيس كل لجنة بإبلاغ نتيجة لجنته إلى اللجنة العامة التابع لها التي تجمع تلك النتائج وترسلها إلى اللجنة العليا للانتخابات التي ستقوم بدورها بإعلان النتيجة النهائية للاقتراع. ويمثل الاستفتاء اختباراً لشعبية خريطة الطريق التي أعلنها الجيش عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي. ويعول الحكم على نسب حضور كبيرة في مواجهة دعوات جماعة «الإخوان المسلمين» وحلفائها إلى المقاطعة، ما ظهر في تسابق أركانه في دعوة المصريين إلى الاحتشاد أمام صناديق الاقتراع. وكان آخر الداعين أمس الرئيس الموقت عدلي منصور الذي دافع في كلمة ألقاها أمس لمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي عن مشروع الدستور الجديد الذي اعتبره «خطوة على طريق الديموقراطية»، مطالباً المصريين بأن «يتوجهوا إلى الصناديق ويضربوا للعالم مثلاً في التحضر والالتزام كي نكمل ثورتنا بدستور يكون هو أول محطة في استكمال دولتنا الديموقراطية». وقال: «صوتكم أمانة، وأدعو إلى الخروج بقوة والإدلاء بأصواتكم على هذا الدستور الذي يؤسس لدولة قوية وعصرية، اخرجوا كما خرجتم من قبل في ثورتي 25 كانون الثاني (يناير) 2011 و30 حزيران (يونيو) 2013 «. وأضاف أن «إقرار الدستور سيمهد الطريق لخطوات جادة وحقيقية على طريق الديموقراطية وتحقيق استقرار الوطن إذ ستعقبه استحقاقات أخرى وسيكون لمصر بعد ذلك رئيس منتخب أسلمه رايتها، ندعو الله أن يستلهم هدي الرسول وسيرته في حكمه، وكذلك سيكون لمصر مجلس نيابي يحقق مبدأ الشورى الإسلامية في شكل عصري مستنير». وشدد على أن المجتمع المصري يحتاج خطاباً دينياً جديداً. وقال: «أقول لكل المصريين اعطوا نعمة العقل التي منحكم الله حقها من دون تقليد أعمى». وحذر من أن بلاده «تتعرض إلى هجمة شرسة، وهناك مَنْ فهم الدين الإسلامي خطأ واستحل دماء المصريين». وأضاف: «ما أحوجنا الآن إلى تجديد الخطاب الديني لحفظ قيم الإسلام وثوابته، والقضاء على الاستقطاب الطائفي»، وتعهد أن تكون «يد الأمن المصري ساهرة لتعيد الحقوق، والنصر قادم لا محالة». وتعهد السيسي لدى مراجعته استعدادات القوات الخاصة لتأمين لجان الاقتراع صباح أمس «حماية إرادة الشعب من دون تدخل»، مؤكداً أن «أمن مصر وسلامتها يكمنان في قوات مسلحة قوية وقادرة ومستعدة لبذل الجهد لحماية إرادة الشعب المصري والحفاظ على مقدساته». واعتبر أن تأمين الاستفتاء «مهمة عظيمة تتعلق بالوطن ومستقبله، وسنظل دائماً جاهزين ومستعدين حتى تنتهي المهمة بسلام». وأشار إلى أن «قوات الجيش ستؤمن الاستفتاء بالتعاون مع الشرطة وسيرى العالم مدى الانضباط والوطنية والخلق الحسن الذي يتمتع به الجيش في تعامله مع المواطنين وضيوف مصر المتابعين لعملية الاستفتاء». وطالب الجنود ب «اليقظة الكاملة والقوة في الأداء والحزم إذا ما تطلب الموقف تجاه أي محاولة لعرقلة سير الاستفتاء في محيط اللجان حتى يدلي كل مواطن بصوته كما يشاء وبحرية كاملة». وراجع وزير الداخلية محمد إبراهيم أيضاً استعدادات الشرطة للتأمين، وبدأت أجهزة الأمن في تسلم لجان الاقتراع مساء أمس، كما انتشرت قوات الحماية المدنية مدعمة بالكلاب المدربة وأجهزة الكشف عن المفرقعات. وتوعد مساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة الأمن العام اللواء سيد شفيق ب «عدم التسامح مع أي محاولة لإفساد الاستفتاء أو تعطيله»، مشدداً على أنه «خط أحمر لن يسمح لأي أحد بتجاوزه». وقضت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة أمس بحظر إصدار أي تصاريح لأي منظمة أو فرد ينتمي إلى جماعة «الإخوان» لمتابعة الاستفتاء على مشروع الدستور، كما قضت المحكمة أيضاً بتمكين مجلس الدفاع الوطني من الإشراف على تأمين الاستفتاء. وكان محام أقام دعوى تطالب بمنع مشاركة «الإخوان»، سواء كأفراد أو هيئات ومنظمات تابعة لهم، من الإشراف على الاستفتاء على الدستور وتمكين مجلس الدفاع الوطني من الإشراف على الاستفتاء، «حماية للناخبين والعملية الانتخابية برمتها من أي تهديدات».