دخل طرفا الأزمة في مصر في سباق لحشد الجماهير للمشاركة في الاستفتاء على الدستور المقرر غداً السبت. وأعلنت القوى الإسلامية التي تساند الرئيس محمد مرسي مليونية ل «نصرة الشرعية والشريعة» في منطقة رابعة العدوية في ضاحية مدينة نصر اليوم، فيما اكتفت «جبهة الإنقاذ الوطني» والقوى الثورية بتنظيم تظاهرات «رمزية» في محيط قصر الاتحادية وميدان التحرير، حيث يعتصم معارضو مرسي. ونظم الطرفان أمس فعاليات للتواصل مع قطاعات الشعب في محافظات مختلفة، فيما أبدى معارضو مرسي مخاوف من محاولات لتزوير الاستفتاء خصوصاً بعدماً فجّر قضاة ورؤساء ووكلاء النيابة أمس معلومات تفصيلية عن تدخلات مزعومة مارسها وزير العدل المستشار أحمد مكي والنائب العام الجديد المستشار طلعت عبدالله ضد محققين في قضية «أحداث الاتحادية»، وقرارات عقابية صدرت في حق قضاة لمواقفهم المعارضة للإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي وحصّن به قراراته. وقال عضو «جبهة الإنقاذ الوطني» جورج إسحاق ل «الحياة» إن قوى المعارضة ستنظم اليوم الجمعة تظاهرات في ميدان التحرير وأمام قصر الاتحادية تحت شعار «لا للدستور الباطل». لكنه رفض تحديد ما إذا كان يتوقع اجتذاب الدعوات لحشود كبيرة لا سيما وأن التظاهرات تأتي قبل ساعات من بدء الاقتراع. وقال: «دعونا الناس إلى النزول، لكن لا يمكن لأحد أن يتوقع الأعداد». وفي المقابل، أكد الأمين العام لجماعة «الإخوان المسلمين» الدكتور محمود حسين أن القوى الإسلامية ستحتشد صباح اليوم في ميدان رابعة العدوية، ل «نصرة الشريعة والشرعية»، وتأييد مشروع الدستور الجديد، نافياً في شدة أن يكون المؤيدون للرئيس ينوون التحرش بمعارضيه الذين سيتظاهرون أمام القصر الرئاسي. وأعلنت الجماعة الإسلامية وعدد من القوى السلفية المشاركة في تظاهرات اليوم. وفي ما بدا «تقسيماً للأدوار» تم الاتفاق عليه، آثر حزب «النور» السلفي الغياب، عازياً قراره إلى انشغال أعضائه بالترويج ل «نعم» للدستور. وأنهت السلطات المصرية استعداداتها للاقتراع الذي يبدأ غداً السبت في عشر محافظات هي: القاهرة والإسكندرية والدقهلية والغربية والشرقية وأسيوط وسوهاج وأسوان وشمال سيناء وجنوب سيناء. أما الرئيس محمد مرسي فبدا وكأنه ضمن نتائج الاقتراع سلفاً، إذ بدأ في ترتيبات لما بعد تمرير الدستور. وأفيد بأنه يعد قائمة تضم معارضين سيصدر قرار بتعيينهم في مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان)، الذي سيتسلم السلطة التشريعية من رئيس الجمهورية. ومن حق الرئيس تعيين 90 عضواً في الشورى ليضافوا إلى 180 آخرين تم انتخابهم مطلع العام الجاري. والتقى مرسي أمس وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي، بعد يوم واحد من فشل مبادرة الأخير ل «لم شمل شتات القوى السياسية». وأوضح بيان رئاسي أن اللقاء جاء في إطار «متابعة الاستعدادات لتأمين الاستفتاء»، ونقل البيان عن مرسي تأكيده أهمية «أن يشعر كل مصري بالحرية الكاملة والأمن والأمان أثناء عملية الاستفتاء»، وأنه أكد أيضاً تقدير كل المصريين للدور الوطني الذي تقوم به القوات المسلحة في هذا «الواجب المهم». وأفيد بأن عملية الاقتراع ستجري تحت إشراف 7 آلاف قاضٍ، إضافة إلى رجال النيابة العامة، كما يجري الاستفتاء تحت رقابة منظمات المجتمع المدني المصرية والدولية، على رغم إعلان الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر أن منظمته لن تشارك في مراقبة عمليات الاقتراع. وأعلن الجيش المصري أنه سيشارك في تأمين لجان التصويت، بمشاركة أكثر من 120 ألف ضابط وصف ضابط وجندي و6 آلاف مركبة. وأفيد بأن قوات الجيش والشرطة ستبدأ مساء اليوم في تسلم اللجان. وأوضح بيان للجنة القضائية المشرفة على الاستفتاء أن عدد من لهم حق التصويت في المرحلة الأولى يبلغ 26 مليوناً و6 آلاف وان هناك 376 لجنة فرعية إلى جانب 175 لجنة عامة و30 لجنة محافظة. وحظرت اللجنة «الدعاية بأي وسيلة في محيط مقار الاقتراع»، وأن يكون إثبات شخصية الناخب بموجب بطاقة إثبات الهوية. وأشارت إلى أن الاقتراع سيبدأ في تمام الساعة الثامنة صباحاً ويستمر حتى الساعة السابعة مساء، ليبدأ بعدها الفرز داخل اللجان الفرعية. من جانبها، أبدت «جبهة الإنقاذ الوطني» تحفظها عن إجراء الاستفتاء على مرحلتين، وقالت إنها تشعر بمخاوف عميقة إزاء «غياب الشروط اللازمة لضمان نزاهة عملية الاقتراع»، واعتبرت أن إجراء الاستفتاء على مرحلتين يمتد بينهما أسبوع كامل «مخالف للقانون المصري، إضافة إلى أنه يفتح الباب أمام التأثير في إرادة الناخبين وممارسة العنف وعمليات التزوير». وأبدت الجبهة ثقتها في أن ملايين المصريين المحتشدين في الشوارع منذ أسابيع «سيستجيبون لدعوتنا لهم بالتصويت ب (لا)». في غضون ذلك، عقد نادي قضاة مصر اجتماعاً لجمعيته العمومية، أمس، شن خلاله قضاة ورؤساء ووكلاء نيابة هجوماً عنيفاً على وزير العدل أحمد مكي والنائب العام المستشار طلعت عبدالله وطالبوا برحيلهما، ولوحوا بإجراءات تصعيدية إذا بقيا في منصبيهما. وكشف رؤساء ووكلاء نيابة ضغوطاً تعرضوا لها من قبل مكي وعبد الله، على خلفية تحقيقات أجروها في أحداث العنف التي وقعت في محيط قصر الاتحادية الرئاسي قبل أسبوع. وكان النائب العام تراجع أمس عن قراره ب «معاقبة» المستشار مصطفى خاطر الذي تولى تحقيقات «الاتحادية» وقرر إخلاء سبيل كل الموقوفين، بنقله من منصبه في القاهرة إلى بني سويف.