أظهر التقرير الربعي الثاني لاتحاد البورصات العربية الصادر في بيروت، حصول مؤشر سوق دمشق للأوراق المالية على المرتبة الأولى من حيث الأداء، مقارنة بجميع البورصات العربية. وعلى رغم أن الاقتصاد السوري شبه منهار منذ أكثر من ثلاثة أعوام، يستخدم النظام السوري وإعلامه المحلي التقرير للدلالة على تعافي الاقتصاد وتسارع دورة عجلته، بينما يستغرب اقتصاديون سوريون معارضون تجاهل المحتفين ب«الإنجاز»، ذكر عدد الصفقات وحجم التداول وقيمته المتواضعة مقارنة مع حجم البورصات العربية، وعدد الشركات الخاضعة لإشراف إدارة سوق دمشق، والتي لا تتجاوز 52 شركة مجموع رأسمالها 800 مليون دولار. يقول المحلل المالي السوري الدكتور محمد وائل حبش إن «حصول مؤشر بورصة دمشق على المركز الأول عربياً ليس له علاقة بحجم التداول أو عدد الأسهم المتداولة أو عدد الشركات المدرجة في السوق المالي، إنما له علاقة بمعدل ارتفاع المؤشر من نقطة سابقة إلى نقطة حالية، خلال فترة زمنية محددة. لذلك كان البيان الإخباري الاقتصادي عن هذا الموضوع مثيراً للاستغراب لدى البعض بحكم عدم وضوح هذه النقطة». ويوضح أنه «من المنطقي جداً أن يتفوّق أي مؤشر على الآخر بمعدل الارتفاع خلال فترة زمنية معينة، من دون أن يكون البيان دليلاً على قوة المؤشر وشهرته»، مؤكداً أن «المؤشر المالي خلال عامي 2011 و2012 انهار وأصبحت قيمته نحو 800 نقطة، علماً أن المؤشر تم افتتاحه عند انطلاق السوق عند مستوى 1000 نقطة، ولذلك فإن وصول المؤشر حالياً إلى مستوى 1300 نقطة وما فوق بقليل، يُعتبر حالة منطقية تماماً، بخاصة مع توقف النشاطات الاقتصادية الإنتاجية وتعثرها في الداخل السوري، وبالتالي أصبحت النشاطات المالية الريعية الخدمية هدفاً للاستثمار والمضاربة». ويتابع حبش أن «الأوضاع الأمنية المتردية تجعل حركة البشر والبضائع والأموال متعثرة ومليئة بالمخاطر، في حين تكتسب المضاربة والاستثمار بالأسهم ميزة في عدم تطلبها للتحرك الفيزيائي، سواء للمستثمر أو الأموال باعتبار أن العمليات كلها تجري إلكترونياً». ويؤكد حبش أن «الشركات المدرجة في سوق دمشق وتوزيعها من حيث العدد والقيمة السوقية لا تعبّر عن واقع الاقتصاد السوري من حيث توزع القطاعات الاقتصادية ونسبها وحجم مساهمتها في الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى استبعاد القطاع الحكومي من المساهمة في السوق المالي». ويقول: «نشرنا دراسات عدة وحلولاً قانونية من أجل إدراج الشركات الحكومية الحيوية كالاتصالات والكهرباء والنقل في سوق دمشق للأوراق المالية لجعل البورصة مرآة للاقتصاد السوري، ودعم السوق المالي من حيث حجم التداول وعدد الشركات المدرجة». وعلى رغم ذلك، فإن الكثيرين من المهتمين والمتابعين يعيبون المقارنة في تقرير اتحاد البورصات العربية بين بورصة دمشق الناشئة وبورصات عربية لها ثقلها مثل بورصتي السعودية دبي، لكن حبش يؤكد «أن المقارنة هنا ممكنة من حيث الأرقام والبيانات، أما من حيث الشهرة وحجم التداول فالأرقام بعيدة جداً بين البورصة السورية وبورصتي السعودية ودبي، للأسباب الذي ذكرناها سابقاً، مع العلم أن صغر حجم التداول في بورصة لا يعني على الإطلاق تخلف اقتصاد هذا البلد». ويضيف: «صغر حجم التداول في أي بورصة يمكن أن يُعزى لأسباب عدة، أهمها أن حجم اقتصاد البلد متناسب مع عدد سكانه، فبورصة بيروت من حيث حجم التداول أقل بكثير من حجم التداول في بورصة السعودية لكن لا يعني ذلك أن بورصة بيروت متخلفة أو أن الاقتصاد اللبناني متخلف كثيراً عن الاقتصاد السعودي، كما أن بعض البلدان تضع من القوانين والتشريعات ما يسمح بازدهار التداول في السوق المالي لديها في حين تضع بلدان أخرى القيود على هذا التداول وعلى شروط إدراج الشركات ما يجعل السوق المالي لديها مقيداً».