أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري في اختتام اجتماع طويل مع الرئيس محمود عباس استمر ثلاث ساعات ونصف الساعة أمس، أن مزيداً من اللقاءات سيعقد لبحث الملف الأمني الذي قال إنه يشهد «بعض التقدم». لكن مسؤولين فلسطينيين قللوا من فرص حدوث تقدم في هذا الملف بمعزل عن الملف السياسي الذي يقوم على الاعتراف الإسرائيلي بالدولة الفلسطينية في حدود عام 1967. وقال كيري: «إنه سيعقد المزيد من اللقاءات مع الجانب الإسرائيلي، بعضها سيعقد في واشنطن، وإنه سيعود ثانية إلى البلاد قريباً لمواصلة المحادثات. غير أن مسؤولاً رفيعاً قال ل «الحياة»: «إن الملف الأمني المقترح أميركياً يبحث في المصالح الأمنية الإسرائيلية الاستراتيجية من دون أن يرتبط ذلك بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967». وكشف المسؤول الفلسطيني أن من أبرز جوانب الملف الأمني بقاء السيطرة العسكرية الإسرائيلية في مناطق واسعة في الضفة الغربية، مثل غور الأردن ومرتفعات الجبال التي تقيم عليها إسرائيل محطات إنذار مبكر. وأضاف: «أن إسرائيل تريد أن تثبت حدوداً أمنية أولاً، ثم ستحاول أن تفرض علينا قبول هذه الحدود الأمنية كحدود سياسية». وأوضح أن الرئيس عباس طالب كيري بالاعتراف بحدود الدولة الفلسطينية أولاً قبل البحث في الترتيبات الأمنية ثانياً. في هذه الأثناء، أعرب مسؤولون فلسطينيون عن قلقهم الشديد من قيام الإدارة الأميركية بتبني المطالب الإسرائيلية في مسألتي الأمن والحدود، وتوجيه ضغط على الجانب الفلسطيني من أجل قبولها. وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد قريع في مؤتمر سياسي نظمه «تحالف السلام الفلسطيني» أمس في رام الله: «يحمل كيري مشروعاً قائماً على الأمن في مقابل السلام بدلاً من الأرض في مقابل السلام». وأردف: «أن المشروع الأمني الذي يحمله كيري أعده جنرال أميركي مقيم يدعى جون ألن ويراعي المطالب الأمنية الإسرائيلية، ولا يراعي المطالب السياسية الفلسطينية». وتابع: «كيري يحمل معه أيضاً مشروعاً يقضي بتنازل إسرائيل عن واحد في المئة من المنطقة (ج)، وهو ما يساوي 20 ألف دونم من المساحة الكلية لهذه المنطقة البالغة 2 مليون دونم». وزاد: «إنه مشروع خطير، فموضوعنا هو إنهاء الاحتلال وليس إقامة مزرعة»، في إشارة إلى الأراضي التي ستسمح إسرائيل للسلطة بإقامة مشاريع اقتصادية عليها. وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه: «إن الجانب الإسرائيلي يسعى إلى رسم الحدود وفق الأمن وليس وفق حدود عام 1967»، مضيفاً: «إذا قبلت الإدارة الأميركية هذا التوجه الإسرائيلي، فإن هذا سيحول دون توصلنا إلى أي اتفاق سياسي». وأضاف: «أن إسرائيل تعرض في المفاوضات الجارية «احتياجات أمنية» لتكون أساساً للحدود، وأن القلق هو أن يلجأ الراعي الأميركي إلى البحث عن مخرج، مثل الحديث عن اتفاق إطار أو اتفاق مبادئ جديد». وأردف: «أنه في حال عرض اتفاق الإطار، فإن إسرائيل ستصر على اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة، وفي حال حدث ذلك، فإن إسرائيل ستتجاهل جميع البنود الأخرى في الاتفاق، وستتسمك بهذا البند. وقال: «إنه لا يمكن تسمية ما يجري اليوم بين الفلسطينيين والإسرائيليين مفاوضات، وإنها لا تعدو أن تكون اتصالات واجتماعات لا تستحق أن يطلق عليها اسم مفاوضات». وقال قريع الذي توصل إلى اتفاق أوسلو مع الجانب الإسرائيلي، وشارك في أبرز المحطات التفاوضية: «أخجل من الذهاب إلى المفاوضات». وزاد: «إسرائيل تتبع استراتيجية تفاوضية تقوم على التفاوض وفي الوقت نفسه مواصلة نهب الأراضي وبناء المستوطنات عليها لنصل إلى مرحلة لا يبقى فيها من الأرض الفلسطينية ما يمكن التفاوض عليه». وقال: «إن عشرين عاماً من المفاوضات تجعل أي مراقب يصل إلى نتيجة مفادها استحالة حدوث أي تقدم فيها:. وتابع: «أن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق اسحق رابين أبلغ الرئيس الراحل ياسر عرفات في أحد اللقاءات بأنه قرر وضع سياج حول كل مستوطنة لا يبعد أكثر من 50 متراً عن آخر بيت فيها للحد من التوسع الاستيطاني»، مشيراً إلى أن رابين كان يبحث عن حل جدي «لكنهم قتلوه». وقال: «إن رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتانياهو عمل بعد فوزه بالانتخابات في المرة الأولى عام 1996 على إعادة إطلاق الاستيطان على نحو أفشل مشروع السلام».