أقرت لجنة الخمسين لتعديل الدستور في مصر أمس تعديلات عميقة على دستور 2012 الذي صاغته جماعة «الإخوان المسلمين» وحلفاؤها وعطله الجيش عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، تمهيداً لتسليمه إلى الرئيس الموقت عدلي منصور غداً لدعوة الناخبين إلى استفتاء عليه في أولى خطوات تنفيذ خريطة طريق المرحلة الانتقالية التي أعلنت مطلع تموز (يوليو) الماضي. وبدا أن التحالف الحاكم اجتاز أولى مراحل خريطة الطريق متماسكاً رغم الخلافات الواسعة في صفوفه، إذ أعلن حزب «النور» السلفي «رضاه عن مواد الدستور»، كما تجاوز ممثلو أحزاب عن تحفظاتهم عن مواد خلافية مثل المحاكمات العسكرية للمدنيين، ما يزيد فرص إقرار الدستور في الاستفتاء المتوقع الشهر المقبل. وكانت لجنة الخمسين استأنفت أمس التصويت على 109 من مواد الدستور بعدما أقرت 138 أول من أمس، ومرت عملية الاقتراع بلا معضلات، رغم أن تلك المواد تتركز في النظام السياسي للدولة وصلاحيات السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية. وتم إقرار غالبية المواد بشبه إجماع ومن بينها المواد المتعلقة بالجيش، إذ وافق 41 عضواً من إجمالي 49 حضروا الجلسة على المادة 204 التي تتيح محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، فيما حصلت المادة الانتقالية التي تلزم الرئيس بأخذ موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تعيين وزير الدفاع لفترتين رئاسيتين على موافقة 43 عضواً واعترض عليها عضوان. وكان أقل المواد تصويتاً بالموافقة المادة 198 المتعقلة بمنح حصانة للمحامين أثناء تأدية عملهم، ووافق عليها 37 عضواً. في المقابل، أسقط أعضاء اللجنة المادة 229 التي تحدد النظام المختلط (المنافسة على ثلثي المقاعد البرلمانية بالنظام الفردي والثلث بنظام القوائم)، بعدما لم تحظ سوى بموافقة 25 عضواً والمادة 230 التي تحدد الجدول الزمني لخريطة الطريق بالبدء في انتخابات برلمانية تعقب اعتماد الدستور وبعدها انتخابات رئاسية. وأعلن رئيس اللجنة عمرو موسى أن المادتين ستخضعان للتشاور مجدداً. ويعني ذلك إمكان تعديل خريطة الطريق في حال لم تحصل المادة الأخيرة على موافقة 35 عضواً، رغم تأكيد الناطق باسم اللجنة محمد سلماوي «عدم وجود نية لدى اللجنة لتعديل خريطة المستقبل بحيث يتم إجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية». وأوضح سلماوي أن «اللجنة ستعكف على الضبط اللغوي لمواد مشروع الدستور (اليوم) قبل أن يذهب أعضاء اللجنة إلى القصر الرئاسي (غداً) لتسليم الرئيس الدستور المعدل تمهيداً للاسفتاء عليه». وبعد اعتراضات مبدئية على صيغة تفسير مبادئ الشريعة التي تضمنتها ديباجة الدستور وتلويح بمعارضة الدستور، أبدى حزب «النور» السلفي رضاه عن المشروع. ووصف رئيسه يونس مخيون التعديلات الدستورية التي أدخلتها لجنة الخمسين بأنها «مرضية في مجملها». وقال مخيون إن «القرار النهائي للحزب في شأن الدستور الجديد سيحسم فور اعتماد التعديلات الدستورية من رئيس الجمهورية»، مشيراً في تصريحات أعقبت اجتماع المجلس الرئاسي للحزب إلى أنه ناقش «الاستعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة، ومعايير اختيار مرشحي الحزب في الدوائر البرلمانية المختلفة على مستوى الجمهورية». في المقابل، دعا «التحالف الوطني لدعم الشرعية» بقيادة جماعة «الإخوان» إلى إحياء ذكرى تسليم دستور 2012 إلى مرسي، واصفاً مسودة الدستور الجديد بأنها «وثيقة سوداء صنعت في الظلام لمناهضة ثورة 25 يناير وجموع الشعب وإرادته وحقوقه وتأميم الوطن للعسكر». وانتقد التحالف في بيان مشروع الدستور، واصفاً ما يجري في الخمسين بأنه «عبث». ودعا إلى إحياء «الذكرى الأولى لمرور عام على تسليم الجمعية التأسيسية المنتخبة لوضع الدستور نسخة منه إلى الرئيس المنتخب المختطف الدكتور محمد مرسي»، مؤكداً أنه «سيعمل على إحياء هذه المناسبة في فعالياته الثورية تحت عنوان وثيقة الانقلابيين باطلة، سنعيد دستورنا».