يتسلّم الرئيس المصري الموقت عدلي منصور اليوم أو غداً مسودة الدستور الجديد للبلاد لطرحها على استفتاء شعبي يُتوقع أن يُجرى في النصف الثاني من كانون الثاني (يناير) المقبل. وكانت لجنة «الخمسين» لتعديل الدستور بدأت أمس تصويتاً «إلكترونياً» علنياً على مواده، لكن لم تُعرف اتجاهات أعضاء اللجنة بعدما تقرر تمرير العملية من خلال الحاسب الآلي. ولم تشهد الجلسة الأولى لعملية التصويت أي صخب أو خلافات أو نقاشات. وبدأ رئيس اللجنة عمرو موسى الجلسة بكلمة أشاد فيها بعملها وبما أنجزته من مواد، وسعى إلى طمأنة قوى وشرائح أبدت مخاوف من مواد بعينها، قبل أن يشرع في قراءة الدستور الجديد، ليصوّت أعضاء اللجنة على كل مادة فيه على حدة. ومُررت مواد الهوية في الدستور بنسبة تصويت مرتفعة على رغم اعتراضات السلفيين عليها. وغاب ممثل حزب «النور» السلفي محمد إبراهيم عن عملية التصويت على تلك المواد قبل أن ينضم إلى الجلسة لاحقاً. وتمثّل عملية تمرير مسوّدة الدستور خطوة نحو المضي قدماً في خريطة الطريق التي وضعها الجيش بعد تظاهرات «ثورة 30 يونيو» الماضي، والتي عُزل بمقتضاها الرئيس السابق محمد مرسي. وتضمنت وثيقة الدستور 247 مادة منها 42 مادة مستحدثة. ومن المقرر أن تواصل اللجنة اليوم جلسات التصويت على مواد الدستور. وغاب عن جلسة أمس ممثلا العمال والفلاحين احتجاجاً على إلغاء نسبة الفئتين في البرلمان، وحضر 48 عضواً عملية الاقتراع (من أصل 50). وجاء التصويت على مسودة الدستور بعدما حسمت اللجنة أمرها حول المواد الخلافية. في خصوص مواد «الهوية» نصّت ديباجة الدستور على أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع، وأن المرجع في تفسيرها هو ما تضمنه مجموع أحكام المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن. ونصّت المادة الثانية على أن الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، ونالت تلك المادة موافقة 45 عضواً واعتراض عضوين. ونصّت المادة الثالثة على أن مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية، وشؤونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية، ونالت موافقة 42 عضواً واعتراض 4 أعضاء. وتجنّبت المسوّدة الإشارة إلى «مدنية الدولة» وعرّفتها بأنها «دولة ديموقراطية حديثة حكومتها مدنية». وسعت مسوّدة الدستور إلى إرضاء العمال والفلاحين بأن نصت الأحكام الانتقالية فيه على أن تعمل الدولة على تمثيلهم تمثيلاً ملائماً في أول مجلس للنواب ينتخب بعد إقرار هذا الدستور، على النحو الذي يحدده القانون. وأبقت اللجنة في الأحكام الانتقالية على اقتراح تعيين وزير الدفاع بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة لدورتين رئاسيتين كاملتين. كما أبقت على نص المحاكمات العسكرية للمدنيين في حالات حددتها حصراً (ترفض قوى ثورية عدة هذا النص). وأقرت الأحكام الانتقالية إجراء الانتخابات المقبلة لمجلس النواب وفقاً للنظام المختلط بنسبة الثلثين بالنظام الفردي والثلث بالقوائم. جاء ذلك في وقت اندلعت اشتباكات بين قوات الشرطة ونشطاء رافقوا مؤسس حركة شباب «6 أبريل» أحمد ماهر لدى تسليم نفسه للنيابة في محكمة عابدين في وسط القاهرة، بعد قرار بضبطه بسبب دعوته إلى تنظيم تظاهرة أمام مجلس الشورى الثلثاء الماضي احتجاجاً على إحالة المدنيين على القضاء العسكري، بالمخالفة لبنود القانون الجديد الذي يشترط إخطار وزارة الداخلية بالتظاهرات وموافقتها عليها مسبقاً. وشهدت القاهرة أمس تظاهرة أمام مقر السفارة القطرية شارك فيها مؤيدون للحكم المصري الجديد ورفع بعضهم صور وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي. وتخلل التظاهرة إحراق علم قطر التي يُنظر إليها على أنها مساندة لجماعة «الإخوان المسلمين» والرئيس المعزول محمد مرسي.