أحيا الموسيقي المصري محمد أبو ذكري برفقة فرقته «حجاز» أمسية موسيقية في معهد العالم العربي في باريس، قدم فيها مقطوعات موسيقية شرقية يغلب عليها طابع الجاز. ورافق أبو ذكري الذي عزف على آلة العود خمسة عازفين على آلات غربية هي البيانو والساكسوفون والغيتار والكونترباص والدرامز. وكانت الحفلة التي استضافها مسرح «الشهيد رفيق الحريري» في المعهد، بمثابة فرصة لتعرف الجمهور الفرنسي والعربي إلى أداء الفرقة، وفرصة ظهر فيها أبو ذكري حريصاً على إضافة لمسات غربية خصوصاً من الجاز على تقاسيم العود، ومتوخياً إضفاء سمة تقنية عبر العزف أكثر من حرصه على التحليق في سماء الإلهام ذي الإحساس العميق والمرهف. المعزوفة الأولى أتت تحت عنون «كركيد» وهي مستوحاة من موسيقى التراث الصوفي، بحسب أبو ذكري. مقطوعة شرقية صرفة ظهر فيها منسجماً مع العود، ورافقه أخوه عبدالله على آلة البزق. لم تحدث المقطوعة الثانية قطيعة مع الأولى، إذ حرص فيها الفنان المصري، على تظهير الطابع الشرقي، وبدا الانسجام واضحاً بين البزق والعود. ومع نهاية المقطوعة الثانية، غادر عبد الله المسرح، معلناً رحيل الطابع الشرقي عن الأمسية لمصلحة حضور الجاز الطاغي. المعزوفة الثالثة وعنوانها «الشبكة الحمراء» شاركت فيها كل الآلات، وبدت تائهة بعض الشيء. وكان العود في هذه المعزوفة يبحث عن انتمائه وسط خمس آلات غربية. فالبداية كانت صاخبة إلى درجة أظهرت التنافر بين الآلات وعدم الانسجام، لكن سرعان ما استعاد العود بعض التوازن ولعب دوراً بارزاً في التنقل الموسيقي بين الآلات، ولكن لم يستمر هذا الدور كثيراً، إذ سرعان ما عاد الصخب الذي لا يمكن إخفاؤه. صخب غيَّب الحضور العارف والتنقل الواعي بين الآلات. «ليلة العيد» هي المعزوفة الرابعة، واعتمد فيها أبو ذكري، على العود والبيانو والغيتار والدرامز وتغييب الساكسوفون والكونترباص. وتغير الوضع كلياً في هذه التجربة الموسيقية، إذ كان توزيع الأدوار بين الآلات لافتاً ومتقناً على عكس المعزوفة السابقة، وكان العود يقود الآلات الأخرى بشيء من الحرفية. المعزوفة الختامية ألهبت حماسة الجمهور، وبدا أبو ذكري في قمة أدائه، وكان الانسجام كبيراً بين الآلات، كأنها تتكلم حيناً وتهمس أحياناً. يقول محمد أبو ذكري ل «الحياة»، إن فرقة «حجاز» بدأت مشوارها الموسيقي قبل أربع سنوات، أصدرت خلالها أسطوانتها الأولى، في حين سيصدر الألبوم الجديد خلال ستة أشهر. ويضيف: «أسست الفرقة مع أربعة عازفين ومن ثم انضم إلينا عازفان بينهما فتاة، وأنا المصري الوحيد بينهم، فيما يحمل أعضاء فرقتي الجنسية الفرنسية». ويوضح: «أحاول إيجاد مساحة مشتركة بين ثقافتي الشرقية وبين موسيقى الجاز، وأن أوظف هويتي الشرقية في هذه المساحة المشتركة بشكل عضوي». وتحدث عن جولته الأخيرة في أميركا اللاتينية التي عزف خلالها في عدد من الدول، وبدا فرحاً بالتعرف إلى أنماط موسيقية جديدة، مشيراً إلى رغبة في تجريبها والاستفادة منها.