بذهن «خالٍ من التوقعات» خرجت فرقة «بارانا» الهولندية (بين أعضائها فنان من أصل تركي) إلى الجمهور السوري في مسرح قلعة دمشق، لتقدم حفلتها الأولى في مهرجان «الجاز يحيا في سورية». «لم نقلق من حداثة ثقافة الجاز في سورية وقِصَر عمره التراكمي عند الجمهور، فموسيقانا جديدة للكثيرين، لأنها ليست جازا تقليدياً كما أنها في الوقت ذاته ليست فولكلوراً تراثياً تقليدياً»، يقول ستيفن كامبرمان، مؤسس الفرقة وعازف الساكسفون والكلارينيت فيها. أما العناصر الرئيسية التي على الجمهور امتلاكها ليستمتع بموسيقاها فهي «الانفتاح والتحرر وحب الموسيقى المختلفة والجديدة»، يؤكد كامبرمان. منذ عام 2002 مزجت فرقة «بارانا» بين التقاليد الموسيقية التركية والمؤلفات الجذّابة والارتجالات الهولندية، فهي تجمع بين المقاربة المعاصرة للموسيقى التقليدية التركية والمؤلفات الخاصة، إضافة إلى الارتجال بمعناه الغربي. ودمشق، هي المحطة الثالثة للفرقة هذا العام، بعدما عزفت في «مهرجان الربيع الثقافي» في بيروتوالاسكندرية، و «بارانا» هو مصطلح تركي فولكلوري يصف لقاءً فنياً يشارك فيه الموسيقيون والمغنون والشعراء في شكل مرتجل. عوامل عدة ساهمت في إثارة اهتمام الفرقة للمشاركة في مهرجان دمشق، هي بحسب كامبرمان «سماعنا عن دمشق والمهرجان من الفرق الهولندية التي سبقتنا إليه، إضافة إلى اهتمامنا بمقابلة موسيقيين جدد وعزف موسيقانا في سورية، فالعزف في ألمانيا وأوروبا ليس مميزاً بالنسبة إلينا بقدر العزف في الاسكندريةوبيروتودمشق، كما أن الحصول على جمهور معتادٍ على سماع المقامات ميزةٌ تساعد على إيصال موسيقانا بسهولة». مفاجأة الجمهور هي هدف تسعى إليه فرقة «بارانا»، كما أشار كامبرمان ل «الحياة»، مبيّنا أن الفرقة «لا تعزف أي شيء تقليدي متوّقع، فحتى التراث التركي وعناصر الجاز الهولندية نخرجها بعناصرنا وشخصياتنا وتغيير أي عازف في الفرقة يغيّر من الموسيقى التي تنتجها لأننا نعطي الفرقة من أنفسنا». الطابع التراثي التركي للفرقة أضفاه بهجت أوفير، أحد مؤسسيها، ومغنيها التركي الأصل، إذ تبدأ موسيقى «بارانا» بنكهة أساسية تركية هولندية، لكن «النتيجة تخرج عن أي توقع، فهي حرّة مرنة قادرة على تغيير اتجاهها والذهاب إلى أي مكان في أي وقت»، كما قال أوفيز. كما أن شمولية الموسيقى التراثية التركية للكثير من الأنواع الموسيقية كان عاملاً إضافياً، «ففي الموسيقى التركية يوجد كل شيء، من المقامات إلى الإيقاع البلقاني والباكستاني وكل الأشياء غير التقليدية، وهذا ناتج عن كون تركيا نقطة التقاء للكثير من الأنماط الموسيقية»، كما يشير أوفيز. سبع مقطوعات قدّمتها «بارانا» لجمهور القلعة دمجت فيها بين الموسيقى التركية التراثية والغناء الفولكلوري على آلتي البزق والمندولين، إلى جانب آلات غربية كالكوالا والكلارينيت والدرامز والبيانو، لتختم فقرتها مع مقطوعة Halt الفولكلورية التركية الراقصة التي فرضت على الجمهور تمايلات إلزامية انتقلت بالعدوى. عاد كامبرمان بعدها مع بارت ليفيت ليعزفا مع لينا شاماميان «هالأسمر اللون» و «يا محلا الفسحة» مع مجموعة من الأغاني الأرمنية الفولكلورية. كامبرمان وصف لينا بأنها «سوبر مغنية»، مشيراً إلى أنه ليس معتاداً على قول هذا الوصف، «فأنا لا أقوله إلا نادراً، في صوت لينا انعكاس لدفئها ولطفها وصدق مشاعرها وغنائها، كما أن فيه ثقتها الكبيرة في نفسها». وعن العزف مع لينا قال: «موسيقى لينا أقرب إلى الجاز مما نعزفه، كما أنها تضفي عليه الروح العربية، فكان علي أن أتعلم موسيقاها خاصة أننا لا نقدم في فرقتنا الكثير من الأشكال الغنائية». ولينا هي واحدة من موسيقيين وفنانين عدّة شاركوا في عمل المجموعة، فالفرقة تقوم بمشاريع مختلفة مع عازفين من خلفيات وجنسيات متعددة «للبحث عن موسيقى جديدة، تتشكل من اندماج ثقافي وأسلوبي مع ما لدى الفرقة فنخلص إلى فن جديد. والموسيقيون الجدد إلهام للفرقة»، كما يقول أوفيز. لفرقة «بارانا» ثلاثة ألبومات صادرة وثلاثة أخرى معدة للصدور، وتحرص الفرقة على أن يدور ألبومها الرابع في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، حول موضوع واحد.