ينتمي خليل شاهين المصري المولد، إلى عائلة أحبت الموسيقى ومارستها في أشكال مختلفة بين الهواية والاحتراف. وغرس فيه والده منذ صغره حب النغمات، فكان يهوى الموسيقى العربية والكلاسيكية ويمارسها على سبيل التسلية، ولكن بفعالية كبيرة، خصوصاً إذا عزف على البيانو. وبالتالي، تعلم شاهين أصول هذه الآلة من أبيه قبل أن يلتحق بمعاهد موسيقية عدة في باريس التي جاءها وهو مراهق. وسرعان ما أحس شاهين برغبة ملحّة في ممارسة البيانو. وبدأ فور إنهائه تعليمه، يفتش عن الفرص المناسبة التي تكسبه خبرة مهنية فعالة في الموسيقى عموماً وفي البيانو خصوصاً، فعثر على إمكان الالتحاق بفرقة موسيقية كانت تعزف في نواد باريسية للجاز. وهناك بدأ شاهين يهتم بآلة ثانية هي الساكسوفون، فتعلمها وراح يمارسها اسوة بالغيتار، علماً أنه كان يلمّ بأسرار هذه الأخيرة منذ مطلع شبابه. وهكذا صار شاهين يشارك في سهرات من نوع الجاز في قاعات باريسية متخصصة، عازفاً على الآلات الثلاث: البيانو والغيتار والساكسوفون. كان ذلك في العام 1992، ومنذ ذلك الحين، تطورت الأمور في حياة شاهين الفنية. فبعدما اكتسب الخبرة التي طالما تمناها وأمام جمهور من النوع الصعب، كالذي يتردد إلى نوادي الجاز ليتمتع بسماع أحلى الأنغام من دون أن يغفر أدنى غلطة من الفنانين، انضم إلى الفرقة الكبيرة بقيادة نجم الغناء جاك دوترون، ومعها عزف فوق أكبر مسارح باريس ولندن ونيويورك ومدن كبيرة أخرى في أرجاء العالم. ويعترف شاهين الآن بأن الأيام التي قضاها تحت إدارة دوترون لا تزال تشكل أفضل مدرسة فنية بالنسبة إليه، على رغم تنوع المجموعات التي انضم إليها هنا وهناك وعمل معها في مناسبات مختلفة. بعدها، استقر شاهين في باريس ووقع عقوداً للعزف المنفرد في أكبر فنادق العاصمتين الفرنسية والبريطانية... ومدن أوروبية أخرى. والموسيقى التي عزفها شاهين آنذاك هي الجاز، وأيضاً مقطوعات كلاسيكية خفيفة معروفة عالمياً. لكنه نجح دائماً في إدخال مقطوعة أو مقطوعتين من تأليفه الشخصي في وسط الألحان الشهيرة التي كانت مطلوبة منه. وكم كان يشعر بالفرحة حينما كان يلاحظ مدى تقبل الحضور لمؤلفاته الموسيقية وطلب إعادة عزفها في نهاية السهرة، أو سؤاله عن اسم المقطوعة وعن إمكان العثور عليها في الأسواق. وفي ذلك الحين، أي الثمانينات من القرن العشرين، بدأت السينما الفرنسية تلاحظ وجود شاهين على الساحة وتطلب منه تأليف الموسيقى التصورية لأفلام مختلفة من حيث أنواعها، ووضع شاهين مثلاً الألحان التي ميزت كلاً من فيلم «معهد فينوس للتجميل» الرومانسي و«زواج مختلط» الدرامي، و«أفضل أمل نسائي» الكوميدي، وأفلاماً أخرى فرنسية وإيطالية وبريطانية. وسرعان ما أضاف شاهين المسرح إلى نشاطاته الفنية، فراح يؤلف القطع الموسيقية لأعمال كلاسيكية أو استعراضية قدمت في باريس. وفي أوقات فراغه، يلبي شاهين طلب عمالقة الموضة الباريسية بتأليف الموسيقى التي تصطحب عروضهم من الأزياء المقدمة موسمياً أمام الإعلام والنجوم. ووسط كل هذه النشاطات، لا ينسى شاهين أن الأهم بالنسبة إليه هو تسجيل أسطوانات تحمل اسمه من الألف إلى الياء، وعزف ألحانها على الساكسوفون أو الغيتار أو البيانو بمشاركة فرقة كاملة طبعاً. وهو يغني بعض الألحان بصوته، سواء كانت من كلماته أم أخذها من مقطوعات شعرية شهيرة عربية أم غربية. وآخر أسطوانة لشاهين طُرحت في الأسواق عنوانها «نون» والتي يبدو فيها واضحاً التأثير العربي الذي يميز الألحان والأغاني.