أقرّت أوساط سياسية إسرائيلية رفيعة بأن إصرار الاتحاد الأوروبي على توقيع إسرائيل على وثيقة تشترط بأن اتفاق الشراكة العلمية مع الاتحاد يستثني مؤسساتها الناشطة في الأراضي المحتلة عام 1967 يشكل «معضلة»ً حقيقية أمام صناع القرار في الدولة العبرية، إذ يضع هذا الشرط الموافقة على اعتبار الأراضي الفلسطينية وهضبة الجولان السوري محتلة، وبالتالي مقاطعة المستوطنات فيها، في مقابل تعريض البحث العلمي إلى خطر حقيقي في غياب دعم مالي يقدر ب700 مليون يورو. وكان الاتحاد الأوروبي أصدر الصيف الماضي توجيهات تنص على أنه يتعين على كل الاتفاقات مع إسرائيل التي تتناول مساعدة من الاتحاد أن تحدد اعتباراً من 2014 أنها لا تطبَّق على الاراضي المحتلة منذ 1967. وأعلنت إسرائيل رفضها التعليمات، فتدخل وزير الخارجية الأميركي جون كيري لدى وزراء الاتحاد لتغييرها، لكن التعديلات الطفيفة لم ترق للإسرائيليين. من جهته أبلغ مدير عام خدمات الخارجية الأوروبي بيير فيمو الجمعة الماضي التحفظات التي أرسلتها وزارة الخارجية الإسرائيلية للاتحاد. وعقد رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو جلسة مشاورات ليلية استمرت أربع ساعات لم تسفر عن حسم الموقف من الشرط الأوروبي، وتم تكليف وزيرة القضاء تسيبي ليفني بإجراء اتصال مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون في محاولة أخيرة قبل مطلع الشهر المقبل، وهو الموعد الأخير للرد الإسرائيلي، لتليين تعليمات الاتحاد بشأن اشتراط انضمام إسرائيل إلى المشروع العلمي المعروف ب»هورايزون 2020» . وأشار مراقبون إلى أن تكليف ليفني دون سواها جاء نتيجة العزلة الدولية التي تعانيها إسرائيل وعدم قدرة وزير الخارجية أو نائبه أو وزير الاقتصاد، المحسوبين على معسكر اليمين المتشدد المناصر للمستوطنين، التحاور مع أوروبا. وطبقاً للتقارير الصحافية، فإن نتانياهو رفض اقتراح وزراء اليمين إبلاغ الاتحاد رفض إسرائيل التوقيع على شروطه، وقرر «عدم كسر الأواني» آملاً بأن تنجح ليفني في مهمتها بالتوصل إلى تسوية مرضية للطرفين. ويعارض وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان ووزير الاقتصاد نفتالي بينيت اللذان يتزعمان الحزبان اليمينيان «إسرائيل بيتنا» و»البيت اليهودي»، التوقيع على شروط الاتحاد، بداعي أن لمثل هذه الموافقة أبعاداً خطيرة على إسرائيل في الحلبة الدولية، وأنها تعني أولاً أن إسرائيل تقبل عملياً بالرأي القضائي الذي يعتبر الأراضي الفلسطينية «محتلة» ما قد يدفع دولاً خارج الاتحاد إلى اشتراط تعاملها مع إسرائيل بالشروط الأوروبية ذاتها، «وهذا سيأتي بانعكاسات سلبية اقتصادية خطيرة». من جهتهم قاد رؤساء الجامعات الإسرائيلية حملة تدعو الحكومة إلى التوقيع على الاتفاق بداعي أن عدم التوقيع يهدد استمرارية معاهد البحث العلمي التي حققت بفضل أموال الدعم الأوروبي نجاحات كبيرة على المستوى الدولي. وكشفت «يديعوت أحرونوت» أن الأوروبيين يصرون على أن التعليمات الجديدة يجب أن تكون ضمن وثيقة منفصلة تكون ملحقاً للاتفاق. وأضافت أن التعليمات لا تمنع فقط استخدام المال الأوروبي في الأراضي المحتلة إنما أيضاً «تحظر استخدام العلم والخدمات والعلاقات مع المستوطنات». وتابعت أن الاتحاد الأوروبي يصرّ أيضاً على أن توافق إسرائيل على حظر منح قروض لشركات محلية لها علاقات مباشرة أو غير مباشرة مع المستوطنات. وأضافت أن «الأوروبيين قبلوا بالطلب الإسرائيلي بأن يتضمن الاتفاق بنداً يقول إنه (الاتفاق) لا يحدد سياسة إسرائيل ولا يحدد المكانة القانونية للمستوطنات». وختمت بالقول إن المطالب الأوروبية «هي نتيجة إحباط أوروبي منذ سنوات حيال مواصلة البناء في المستوطنات، فيما شكل القرار بتحويل الكلية الأكاديمية في مستوطنة «أريئل» جامعةً «القشة التي قصمت ظهر البعير».