في الوقت الذي تتخبط إسرائيل في كيفية تجرع قرار الاتحاد الأوروبي عدم التعامل الاقتصادي مع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربيةوالقدس والجولان المحتلة واشتراط أي اتفاق مع إسرائيل بتوقيعها على بند يقول إن المستوطنات هي خارج حدود إسرائيل، أفادت وسائل الإعلام العبرية أمس بأن الاتحاد الأوروبي يعد «لإنزال ضربة ثانية» بإسرائيل تتمثل في بيان يُتوقع أن يصدره الاثنين المقبل مجلس وزراء خارجية الاتحاد يتضمن «استنتاجات قاسية» ضد إسرائيل في كل ما يتعلق بالجهود الأميركية لاستئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. لكن، ورغم «الصدمة الإسرائيلية» من قرار مقاطعة المستوطنات، فإن سلطات الاحتلال ماضية في تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية وخارج «التكتلات الاستيطانية الكبرى» بإعلانها المتوقع اليوم بناء ألف وحدة سكنية جديدة. ووفق موظف إسرائيلي كبير فإنه «يبدو أن صبر أوروبا قد نفد» في كل ما يتعلق بتعاملها مع إسرائيل، وأنها «تريد أن تثبت أنها لا تقول فقط وإنما تفعل أيضاً». وأشارت الصحف إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو نجح قبل نحو شهر في إقناع وزيرة خارجية الاتحاد كاترين أشتون التي التقاها في مكتبه في القدسالمحتلة بإرجاء إصدار بيان وزراء الخارجية بداعي أن من شأن ذلك أن يدفع الفلسطينيين إلى التشدد في مواقفهم ما سيتسبب بالتالي في عرقلة جهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري. وأضافت أن وزارة الخارجية الإسرائيلية تبذل جهوداً مضاعفة لإقناع الاتحاد الأوروبي بتعليق نشر بيانه مرة أخرى أو بتعديله وشطب البند القائل إن سلوك إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة يضعف فرص التوصل إلى حل الدولتين، لكنها استبعدت شطب البند المدين لاعتداءات المستوطنين المتكررة على الفلسطينيين تحت مسمّى «جباية الثمن». وتلتقي هذه الجهود مع أخرى قرر نتانياهو القيام بها لإقناع الاتحاد بإرجاء نشر توصياته حول عدم التعامل مع المستوطنات في الجريدة الرسمية، المتوقع يوم غد. وجاء قرار نتانياهو في ختام جلسة مشاورات طارئة عقدها مساء أول من أمس لبحث أبعاد هذه التوصيات، وسط تباين بين المجتمعين حول كيفية الرد، إذ بينما طالب وزراء اليمين «الرد بشدة» على الاتحاد ورفض توصياته والتهديد بتضييق تحركات ممثليه في الأراضي الفلسطينية ووقف مشاريع عمرانية يقوم بتمويلها في هذه الأراضي، رأى نتانياهو، رغم بيانه بأن إسرائيل ترفض أن يرسم لها أحد حدودها، وجوب «احتواء الأزمة» من خلال «إقناع» الاتحاد بالأبعاد الخطيرة لهذه التوصيات على عملية السلام. وأجرى نتانياهو أمس اتصالات مع عدد من زعماء أوروبا طالباً منهم التدخل لتعليق نشر توصيات الاتحاد بشأن عدم التعاون مع المستوطنات. وتوقعت وسائل الإعلام أن يكون تحادث أيضاً إلى وزيرة خارجية الاتحاد كاثرين اشتون. وشكك (أ ف ب) نتانياهو في مقابلة تنشر الأحد مع صحيفة «دي فيلت» الألمانية في حياد الاتحاد الأوروبي في عملية السلام بسبب قرار استثناء الأراضي المحتلة من اتفاقات التعاون مع الدولة العبرية. ووفق مقتطفات نشرتها الأربعاء الجريدة، قال نتانياهو إن هذا الإجراء «محاولة لرسم حدود إسرائيل بالقوة من خلال الضغط الاقتصادي بدلاً من المفاوضات». وأضاف «هذا يقوي الموقف الفلسطيني ويضعف ثقة إسرائيل في حياد أوروبا» في عملية السلام مع الفلسطينيين. واعتبر نتانياهو أن نص القرار الأوروبي يخلق «جدار برلين سياسياً واقتصادياً في وسط القدس» موضحاً أن العودة إلى حدود 1967 غير واردة لأن ذلك من شأنه تعريض «وجود إسرائيل للخطر». وبرز صوت وزير المال زعيم حزب «يش عتيد» يئير لبيد الذي هاجم توصيات الاتحاد لكنه أكد ضرورة العمل على استئناف المفاوضات فوراً، معتبراً القرار «جزءاً من سلسلة طويلة من قرارات دولية تزيد من عزلة إسرائيل دولياً». وأيدت زعيمة «الحركة» وزيرة القضاء تسيبي ليفني كلام لبيد وأعربت عنه أملها بنجاح جهود كيري لاستئناف المفاوضات. وقال موظف إسرائيلي كبير اطلع على ما دار في جلسة المشاورات التي ترأسها نتانياهو أن المجتمعين أعربوا عن مخاوفهم من أن تتضرر المصارف وكبرى شركات التسويق وشركات البناء التي لها فروع في المستوطنات أو تقوم بمشاريع مختلفة فيها من قرار الاتحاد. ونقلت صحيفة «يديعوت احرونوت» عن مسؤولين كبار في الاقتصاد الإسرائيلي أن الأضرار المتوقعة نتيجة توصيات الاتحاد قد تصل إلى مئات ملايين الدولارات، بينما اقتبست عن مسؤولين سياسيين تقديراتهم بأن التغيير في الموقف الأوروبي من إسرائيل تم تنسيقه مع الرئيس الأميركي باراك اوباما وإدارته بهدف الضغط على إسرائيل لحملها على تليين مواقفها على نحو يساعد في استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. مشروع استيطاني جديد ورغم كل ذلك، إلا أن إسرائيل ماضية في غيها في كل ما يتعلق بتوسيع الاستيطان، لتترجم على الأرض ما قاله نتانياهو في بيانه مساء أول من أمس بأنه «لن أسمح بالمساس بمئات الآلاف من المستوطنين الإسرائيليين» و»لن أقبل إملاءات من أطراف خارجية حول حدود إسرائيل»، إذ أقر «مجلس التخطيط العالي في الإدارة المدنية لجيش الاحتلال» أمس خطة وزير الدفاع السابق ايهود باراك لبناء 732 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة «موديعين عليت» غرب رام الله بعد أن رفض المجلس طعون أهالي قرية دير قديس ضد المخطط الذي يسلب أراضيهم. ويجتمع هذا المجلس اليوم لإقرار بناء نحو 300 وحدة سكنية في عدد من المستوطنات الصغيرة القابعة في قلب الضفة الغربية شرق الجدار الفاصل. وتتوزع هذه الشقق على أكثر من عشر مستوطنات فيما تشهد مستوطنات صغيرة أخرى إضفاء الشرعية على عدد من الوحدات السكنية التي أقيمت من دون ترخيص.