«هذه غابة. وفوضى عارمة»، هكذا وصف نائب إسرائيلي من حزب «يش عتيد» الوضع في الائتلاف الحكومي في أعقاب اتساع رقعة الخلافات بين مركبات الائتلاف في مختلف المسائل، ما دفع برئيس الحكومة بنيامين نتايناهو إلى استدعاء وزراء ونواب حزبه «ليكود» لاجتماع تشاوري أمس حول احتمال تبكير الانتخابات العامة من موعدها المقرر عام 2017 إلى العام المقبل. واتفق معلقون في الشؤون الحزبية على أن قرار تبكير الانتخابات هو بيد نتانياهو دون غيره، على ضوء استطلاعات الرأي التي تفيد بأن حزبه «ليكود» سيعزز تمثيله البرلماني وأنه سيبقى في منصبه في كل الأحوال مع توقع فوز معسكر اليمين والمتدينين بزعامته بغالبية مطلقة من مقاعد الكنيست. واندلع خلاف أمس بين حزبي «يش عتيد» و»إسرائيل بيتنا» حول بنود في الموازنة العامة للعام المقبل، فيما صعّد نتانياهو المواجهة مع زعيمة حزب «الحركة» وزيرة القضاء تسيبي ليفني بإعلانه أنه سيطرح مشروع قانون «المواطنة» على الحكومة الأحد المقبل، وأنه لن ينتظر بحثه في اللجنة الوزارية للتشريع التي ترأسها ليفني. ويقطع بحث الموضوع في الحكومة الطريق على الطعن في القرار وتأجيله، مثلما كان ممكناً لو تم بحثه في اللجنة الوزارية للتشريع. وكانت ليفني أرجأت في شكل مفاجئ بحث القانون، أول من أمس، في اللجنة الوزارية ما أثار غضب زعيم «البيت اليهودي» الوزير نفتالي بينيت الذي أعلن أن عدم إقرار القانون في جلسة الحكومة المقبلة سيدفع به للانسحاب وحزبه من الائتلاف الحكومي. كما يطالب بينيت بأن يتم تخصيص نحو 80 مليون دولار في موازنة العام المقبل للمستوطنات شرق الجدار الفاصل وهو ما يرفضه لبيد. وكررت ليفني أمس موقفها المعارض إقرار مشروع القانون بداعي أنه يتعارض و»روح وثيقة الاستقلال التي تشكل أساساً للدستور». وأضافت أن «الوثيقة» حددت أن إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي لكنها أكدت أيضاً وجوب منح المساواة لجميع مواطنيها. وتابعت أنها لا تعارض قانون «المواطنة» لكنها لن تؤيد مشروع قانون لا يتضمن بنداً حول المساواة لجميع المواطنين ويمس ب»وثيقة الاستقلال». وإزاء هذه الخلافات، وعلى رغم تأكيد قادة أحزاب الائتلاف عدم رغبتهم في تبكير الانتخابات إلا أن معلقين يرون أن هذه الخلافات هي بداية تدحرج «كرة ثلج» سيكون صعباً على نتانياهو وقفها حيال عدم التوافق بين أحزاب التي تشكل الائتلاف. واتهم نائب وزير الخارجية تساحي هنغبي («ليكود») حزب «يش عتيد» بافتعال أزمة «في محاولة منه لتشكيل ائتلاف حكومي بديل برئاسة لبيد». وأضاف أن الخلافات بين مركبات الائتلاف ليست أيديولوجية، وأن نتانياهو ليس معنياً بانتخابات جديدة ستأتي به من جديد رئيساً للحكومة «وعليه لا جدوى من هدر مال عام عبثاً». وقالت النائب من «ليكود» تسيبي حوتوبيللي أن الائتلاف الحالي منهار وأن «ليكود» سيعمل بعد الانتخابات المقبلة على تشكيل حكومة يمينية تعكس رغبة الشعب. من جهتهم أكد قادة الحزبين الدينيين (الحرديم) «شاس» و»يهدوت هتوراة»، المعارضين اللذين استثناهما نتانياهو من حكومته تحت ضغط الأحزاب العلمانية، أنهما رفضا أخيراً اقتراحاً من أوساط قريبة من نتانياهو بالانضمام إلى الائتلاف الحكومي الحالي على حساب حزبي «يش عتيد» و»الحركة»، وأعلنوا تأييدهم تبكير الانتخابات. واعتبر معلقون احتمال تشكيل حكومة مع «الحرديم» غير واقعي نظراً لرفض زعيم «إسرائيل بيتنا» وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان الجلوس معهم في حكومة واحدة. في غضون ذلك قدمت حركة «ميرتس» اليسارية المعارضة أمس مشروع قانون لحل الكنيست الحالية والذهاب لانتخابات عامة جديدة. ومن المتوقع أن يصوت الكنيست على المشروع غداً. وبرر النائب نيتسان هوروفتش خطوة حزبه ب»التفكك الحاصل في الحكومة الحالية غير القادرة على مواصلة طريقها». وأضاف إن الفوضى هي سيدة الموقف في الائتلاف الحكومي «وثمة أجواء من الاحتقار المتبادل بين مركباتها، ما يحول دون استمرارها». وعزا المعلق المخضرم في الإذاعة العبرية حنان كريستال تأزم الوضع داخل الائتلاف الحكومي إلى فقدان نتانياهو ثقته بشريكه الأبرز في حكومته وزير المال يئير لبيد في أعقاب محاولات الأخير جس النبض لتشكيل حكومة بديلة برئاسته. ورأى أن أمام نتانياهو خيارين: الأول تبكير الانتخابات لتجري مطلع الصيف المقبل، أو الاتفاق مع الأحزاب الشريكة في الحكومة على إجراء انتخابات مبكرة بعد عام ونصف العام، على أن يتم إرجاء البت في قضايا خلافية.