مع تبقي ستة أيام على المهلة القانونية الأولى الممنوحة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو لتشكيل حكومته الجديدة، تبدو مهمته شائكة من دون استبعاد أن يتوجه الى الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز بمنحه 14 يوماً إضافياً، وهي المهلة الإضافية والأخيرة التي يتيحها القانون. ولم يفعل الاتفاق الائتلافي المفاجئ بين نتانياهو وزعيمة «الحركة» تسيبي ليفني المفعول الذي توقعه وسعى إليه رئيس الوزراء المكلف لدى حزبي «يش عتيد» و «البيت اليهودي» اللذين ما زالا يصران على دخول الائتلاف الحكومي معاً أو البقاء خارجه سوية. ويحتاج نتانياهو لأحد هذين الحزبين ليشكل حكومة ذات قاعدة برلمانية من أكثر من 60 نائباً، إذ أنه حتى في حال نجح في إبرام اتفاق بين حزبه «ليكود بيتنا» (31 مقعداً) مع حزبي المتدينين المتزمتين (الحرديم) «شاس» و «يهدوت هتوراة» (18) والحزب الوسطي الصغير «كديما» (2)، فإن المقاعد ال57 التي تتمثل بها هذه الأحزاب إضافة إلى «الحركة» (6) في الكنيست لا تتيح له تشكيل الحكومة. وإذ يصر حزب «يش عتيد» بزعامة يئير لبيد على تغيير القانون الذي يعفي الشبان «الحرديم» من الخدمة العسكرية شرطاً للانضمام إلى الحكومة الجديدة، يضيف حزب «البيت اليهودي» اليميني المتطرف إلى هذا الشرط شروطاً سياسية مثل رفض تعيين ليفني مسؤولة عن المفاوضات مع الفلسطينيين، وهي مفاوضات يرفض الحزب إجراءها لرفضه مبدأ حل الدولتين. وذكرت تقارير صحافية أن «البيت اليهودي» يطالب نتانياهو أيضاً بعدم منح ليفني حقيبة العدلية. وتصدرت تهديدات زعيم الحزب نفتالي بينيت بأنه لا يخشى الذهاب إلى انتخابات برلمانية جديدة في حال فشل نتانياهو في تشكيل حكومته، عناوين وسائل الإعلام الإسرائيلية. وأفادت صحيفة «معاريف» أن الطاقم الانتخابي ل «البيت اليهودي» بدأ فعلاً بالتحضير لاحتمال إجراء انتخابات جديدة. وكان بينيت أعلن في مؤتمر حزبه أول من أمس أنه لن يسلّم بأن تدار المفاوضات مع الفلسطينيين «على يد من سبق أن اقترحت (ليفني) إعادة تقسيم القدس وتنازلت عن مستوطنة أريئل». واعتبر بينيت أن البقاء في المعارضة «ليس كارثة»، مضيفاً أن حزبه يصر على أن تقوم الحكومة الجديدة بمعالجة القضايا الحقيقية التي تعني الجمهور لا تمرير الوقت. وأضاف: «لا يعنيني لا أبو مازن ولا أبو علاء أو أبو أي كان اجتمع مع ليفني، لا يعنيني أي منهم، نحن أمام مفترق طرق تاريخي والكرة الآن في ملعب نتانياهو». ونقلت وسائل الإعلام عن بينيت قوله في أحاديث مغلقة إن حزبه لن يتنازل عن المبادئ التي عرضها على الطاقم المفاوض باسم «ليكود بيتنا» بزعامة نتانياهو «ولن نوافق على أن تدير ليفني المفاوضات السياسية». ورد مكتب ليفني على هذه التصريحات بالتأكيد على أنها لم تفاوض ذات مرة حول القدس أو مستوطنة أريئل، إنما اهتمت دائماً بمصالح إسرائيل القومية. كذلك كرر بينيت موقفه الداعي إلى وجوب فرض الخدمة العسكرية على الشبان «الحرديم»، رافضاً الاقتراحات التي قدمها الطاقم المفاوض حول الموضوع. من جهته اتهم رئيس الطاقم المفاوض باسم «ليكود بيتنا» المحامي ديفيد شومرون زعيم «البيت اليهودي» بأنه السبب في استمرار الخلاف الشخصي مع نتانياهو، وقال إن سلوك بينيت في الأسابيع ألأخيرة هو الذي تسبب في التوتر بينهما. ووصفت أوساط في «البيت اليهودي» التنسيق بين الحزب و «يش عتيد» بانه «فولاذي»، وقالت إن التحالف معه حقيقي وشجاع «ونفضل الذهاب إلى انتخابات جديدة على أن نتخلى عن هذا التحالف». وإذ رأى معلقون في الشؤون الحزبية هذا التهديد جدياً، خصوصاً على خلفية العداء الشخصي بين نتانياهو وبينيت، استبعد البعض الآخر أن يتحمل بينيت أبعاد إفشال تشكيل حكومة يمينية وتوقع أن تتدخل أوساط يمينية للتوفيق بينهما و «إنزال بينيت عن الشجرة» التي تسلقها. ولا يزال موضوع تجنيد «الحرديم» في الجيش العائق الرئيس في دخول «يش عتيد» إلى الحكومة. وذكرت صحيفة «هآرتس» أن جميع الأحزاب المرشحة للانضمام إلى الائتلاف (باستثناء حزبي الحرديم) تعارض مقترحات الطاقم المفاوض في شأن تجنيد «الحرديم» جزئياً. وأشارت إلى أن نتانياهو سيضطر في نهاية الأمر إلى مسايرة هذه الأحزاب وتعديل المقترحات على نحو يرضيها، ما من شأنه إثارة حنق الحزبين المتزمتين «شاس» و «يهدوت هتوراه» اللذين يصر نتانياهو على أن يكونا جزءاً من حكومته العتيدة. في غضون ذلك أحدث توقيع ليفني على الاتفاق مع نتانياهو لدخول حكومته شرخاً داخل حزبها الجديد على خلفية أنباء عن قرارها منح الحقيبة الوزارية الثانية للرجل الثالث في الحزب عمير بيرتس وليس للرجل الثاني عمرام متسناع، فضلاً عن عدم إطلاعها جميع النواب على قرارها الانضمام إلى نتانياهو.