وصف رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري من طهران اتفاق جنيف حول برنامج ايران النووي بأنه «صفقة العصر». واستهل بري لقاءاته في ايران امس بمقابلة مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خامنئي لأكثر من ساعة تخللتها خلوة. وسبقها اجتماع معه حضره رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني والوفد اللبناني المرافق. وجرى بحث المستجدات في المنطقة. والتقى بري والوفد المرافق بعد الظهر، الرئيس الإيراني حسن روحاني، وتناول الحديث الأوضاع الراهنة على الصعيدين الإقليمي والدولي، والاتفاق الإيراني- الغربي حول الملف النووي. ورحب روحاني ببري متمنياً أن تساهم هذه الزيارة في تعزيز العلاقات بين البلدين، وخاطب بري قائلاً: «ان حضوركم اليوم هو حضور مميز، ونحن نكن للبنان احتراماً ومودة خاصة، ونأمل بتطور علاقاتنا». وكان بري انتقل بعد لقائه خامنئي الى مجلس الشورى حيث عقد ولاريجاني محادثات في حضور الوفد اللبناني وعدد من اعضاء مجلس الشورى. وأشاد لاريجاني في مستهل الاجتماع بدور بري «المميز في لبنان على صعيد إدارة الظروف الحساسة جداً على الساحة اللبنانية بشكل دقيق ومتقن». وأعرب عن اعتقاده أن «الزيارة ستكون ناجحة بكل المقاييس»، مشيراً الى ان «اللقاء الأول مع الإمام القائد هو ابلغ دليل على أهمية المكانة المرموقة التي تتبوأونها». ورد بري شاكراً، ومعزياً «باستشهاد المستشار الثقافي في السفارة الإيرانية في بيروت خلال الاعتداء المجرم على السفارة». وقال: «إننا حريصون في ما يتعلق بلبنان على المصالحة اللبنانية - اللبنانية، وفي ما يتعلق بسورية على المصالحة السورية - السورية، وفي ما يتعلق بفلسطين على المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية، ولكن دائماً من منطلق دعم المقاومة». وأضاف: «إن الاتفاق النووي بين ايران والقوى الدولية يسمح لطهران بالعمل ضمن كل هذه الميادين». وأعرب لاريجاني عن «دهشته» لقلق بعضهم في المنطقة من الاتفاق النووي الإيراني - الغربي. وقال: «إن مفاوضات ايران مع دول ال 5+1 يجب ألا تبعث على القلق لأنها لا تشكل أبداً اي مشكلة للبلدان العربية». وبعد الاجتماع عقد بري ولاريجاني مؤتمراً صحافياً مشتركاً، فقال لاريجاني: «لبنان هو بلد صديق وشقيق للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وعلى رغم صغر مساحته، شاهدنا منه إمارات التألق وهو بارز في مقاومته». وعن زيارة بري قال: «جاءت في توقيت مناسب، إذ ان ابناء الجمهورية الإسلامية الإيرانية سعداء جداً من مسار ملفات عدة، ولا سيما في ما خص البرنامج النووي. كما كانت لنا محادثات بناءة في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة التي تمر بها المنطقة، وكانت وجهات النظر متقاربة جداً لجهة تعزيز طاقات المقاومة وحل القضايا الإقليمية المعقدة وكذلك إرساء الاستقرار في المنطقة». ورد بري شاكراً لاريجاني على الدعوة لزيارة ايران. وقال: «تحدثنا في كل المواضيع المشتركة والعمل البرلماني المشترك، اضافة الى المسائل السياسية الساخنة». وأشار بري الى «إن صفقة العصر التي تمت في الأمس (في جنيف حول برنامج ايران النووي) كانت فرصة مهمة جداً والجمهورية الإسلامية الإيرانية استطاعت بصبرها وشجاعتها وتعبها وحنكتها وقوتها وصمودها ان تصل إلى ما وصلت إليه. أنها فرصة تغلبت فيها على كثير من الأمور. وقد بحثنا بكل صراحة، كما سأبحث مع بقية المسؤولين الإيرانيين في تتويج هذا الصبر وهذا الإنجاز في ميدان آخر هو ميدان التوافقات الداخلية لما تضج به منطقتنا وخصوصاً في سورية، وفي العلاقات العربية بما يعود عليها بالود والخير». وعن الاعتداء على السفارة الإيرانية في بيروت والجهة التي نفذته، قال بري: «هذا التفجير كان موضع استنكار من كل الجهات والطوائف والفئات اللبنانية من دون استثناء. وهذا التفجير حصل من إرهابيين ينتميان إلى تنظيم القاعدة وتم التعرف إليهما، احدهما لبناني والآخر فلسطيني الأصل». وقال لاريجاني: «ما تفضل به الرئيس بري هو رؤية معمقة ويجب أخذها في الحسبان، إذ إن لإيران رؤية تقوم على أساس إرساء دعائم الصداقة والود بينها وبين البلدان العربية والإسلامية. بعضهم يريد خلق اختلافات بين ايران وهذه الدول، وعلينا أن نستغل هذا الوقت كي يكون لدينا تفهم صحيح للقضايا التي تنتاب المنطقة برمتها ولكن ينبغي الاستفادة من الفرص في الوقت المناسب وإيجاد إدراك صحيح لحل القضايا. وأرى أن لدينا إمكانات كثيرة متاحة لكي ننعم بعلاقات متينة ومستدامة، ولا نسمح بأن يتغلغل الآخرون في مثل هذه العلاقات الوطيدة، وإيران تفتح أحضانها لمثل هذه العلاقات بصدر رحب». ورداً على سؤال أجاب بري: «أكرر كلام دولته على طريقة المحامين». واختتم بري اليوم الأول من محادثاته بلقاء وزير الخارجية محمد جواد ظريف وتناول معه التطورات الاقليمية والدولية وتفاصيل الاتفاق الايراني - الغربي حول الملف النووي. «حزب الله»: انتصار نموذجي وفي السياق، رأى «حزب الله» أن «الاتفاق النووي بين إيران وال5 + 1، انتصار نموذجي وإنجاز عالمي نوعي تضيفه الجمهورية الإسلامية إلى سجلها المشرق بالانتصارات والإنجازات، من خلال توصل ديبلوماسيتها النشطة إلى اتفاق يستند إلى صلابة الموقف المبدئي الإيراني من موضوع البرنامج النووي السلمي الذي تطوره. إنه انتصار يشكل قدوة لبقية الدول والحكومات والشعوب التي تنشد العزة والاستقلال، من دون أن ترضخ للإملاءات الخارجية، أو تستسلم أمام التهديدات والإغراءات». وأكد الحزب في بيان أن «ما تحقق من خلال هذا الاتفاق هو انتصار كبير لإيران ولشعوب المنطقة كلها، وهزيمة لأعداء الشعوب والقوى المتربصة شراً بالمنطقة، كما هو خطوة في مسار متكامل يبعث الآمال بأن يتوج بالمزيد من الخطوات المضيئة». وهنأ إيران بهذا «الإنجاز الكبير الذي يسجل في كتاب انتصارات أمتنا على الطامعين والمحتلين، وكل المستكبرين وتابعيهم».