رفضت طهران اتهامات وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي حمّلها مسؤولية فشل جولة المحادثات في جنيف الأسبوع الماضي بين إيران والدول الست المعنية بملفها النووي. وكانت معلومات أفادت بأن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أحبط اتفاقاً بين إيران والدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا)، مطالباً بوقف تشييد منشأة آراك النووية ووقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة وتخلّي طهران عن مخزونها منه. وأشار فابيوس الجمعة الماضي إلى إحراز «تقدّم»، مستدركاً: «لم نتفق على أي شيء بعد. ثمة مسودة أولية لا نقبلها». لكن كيري حمّل طهران مسؤولية فشل المحادثات، مؤكداً أن الدول الست «كانت موحدة عندما قدّمنا اقتراحاً للإيرانيين، وافقت عليه فرنسا واتفق الجميع على أنه عادل، لكن إيران لم تستطع قبوله في تلك اللحظة». وفي حديث إلى «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي)، أقرّ كيري بأن «الفرنسيين كانوا أكثر صخباً حول أمر أو آخر»، مستدركاً: «الحقيقة أننا كنا موحدين السبت في اقتراح قُدِّم للإيرانيين، ولكن بسبب تغييرات شعروا بأن عليهم التراجع وتغييرها». وأضاف: «كنا قريبين جداً (من التوصل لاتفاق). وأعتقد بأن ما فرّقنا كانت أربع أو خمس صياغات مختلفة لمفهوم محدد». واستبعد أن «يحول ذلك دون إبرام اتفاق». وانتقد ظريف «التصريحات المتناقضة» لكيري، معتبراً أنها «تضرّ بصدقية مَنْ يغيّر مواقفه في استمرار، وتقوّض الثقة» في المفاوضات. وذكّر بأن «التفاوض هدفه تقليص نقص الثقة، والتصريحات المتناقضة لا تعزّز مكانة قائلها». وسأل ظريف كيري، في أشاره كما يبدو إلى فابيوس: «السيد وزير الخارجية، هل إيران هي مَنْ غيّر نصف النص الأميركي الخميس، وأدلى صباح الجمعة بتعليق سلبي علناً»؟ وأضاف في تغريدة على موقع «تويتر»: «لا يمكن أي مراوغة أن تغيّر ما حدث في صفوف الدول الست في جنيف من الساعة السادسة مساء الخميس حتى الساعة الخامسة و45 دقيقة مساء السبت. هذا لن يؤدي سوى إلى مزيد من تقويض الثقة. نحن ملتزمون التعامل في شكل إيجابي، والتواصل على أساس المساواة أساسي لتحقيق الأهداف المشتركة». لكن ظريف أكد تحقيق «تقدّم مهم» في جنيف «يوازي نحو 75 في المئة»، لافتاً إلى «اتفاق على تفاصيل وأطر، وخلافات أيضاً بطبيعة الحال». ونبّه إلى أن «معظم الوقت في المفاوضات مضى لتسوية خلافات بين الدول الست، ومنذ بعد ظهر الخميس حتى مساء السبت، أمضى الغرب 48 ساعة لتسوية خلافاته الداخلية». واعتبر ظريف أن «سياسة الضغط التي انتهجها الغرب عزّزت النشاطات النووية في إيران»، مضيفاً: «قبل 8 سنوات كنا نملك 200 جهاز طرد مركزي، لكن العقوبات جعلتنا نملك 19 ألف جهاز الآن». واشترط لإبرام اتفاق نهائي، «رفع جميع العقوبات المفروضة على إيران، وجعل ملفها النووي عادياً في الوكالة الدولية للطاقة الذرية». في الوقت ذاته، أكد مصدر في الخارجية الروسية تصريح ظريف حول ما تخلّل مفاوضات جنيف، قائلاً: «المسودة المشتركة كانت تناسب إيران. لكن بما أن القرارات في المفاوضات تُتخذ بالإجماع، لم يكن ممكناً التوصل لاتفاق نهائي. وهذا لم يكن ذنب الإيرانيين». ورأى أن كلام كيري «يشوّه ما حدث في جنيف». إسرائيل في غضون ذلك، سعى وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إلى نزع فتيل أزمة مع الولاياتالمتحدة في شأن اتفاق مع إيران. وقال خلال احتفال بعودته إلى وزارة الخارجية بعد تبرئته من اتهامات بالاحتيال وإساءة الائتمان: «في ما يتعلق بخلافاتنا مع الولاياتالمتحدة، حان الوقت لتهدئة الأمور. أول لقاء عمل هذا الصباح خصّصته لسفير الولاياتالمتحدة لدى إسرائيل دان شابيرو. العلاقات مع الولاياتالمتحدة هي حجر الزاوية (بالنسبة إلى إسرائيل) ومن دونها لا يمكننا التحرّك على الساحة الدولية. علاقاتنا معها جيدة ومستقرة ولا شيء يستطيع تغيير ذلك». وأضاف: «طبيعي أن تكون هناك خلافات في الرأي مع الولاياتالمتحدة، ولكن يجب ألا نعبّر عنها علناً». إلى ذلك، نقلت وكالة «فرانس برس» عن مصادر أمنية إسرائيلية تقديرها أن الكلفة الإجمالية للبرنامج النووي الإيراني بلغت 170 بليون دولار. وأشارت إلى «استثمار» طهران 40 بليوناً «في السنوات العشرين الأخيرة، في تشييد المنشآت النووية وتشغليها»، مضيفة أنها خسرت «130 بليوناً بسبب العقوبات المفروضة عليها منذ العام 2012».