أصدر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قانوناً يتيح له تسليم المتهمين والمحكوم عليهم من الأجانب إلى دولهم، ما يمهد له إطلاق سراح صحافيي قناة «الجزيرة» القطرية الذين صدرت بحقهم أحكام بالسجن لمدة 7 سنوات. ويأتي القرار قبل سفر السيسي في جولة أوروبية أواخر الشهر تقوده إلى إيطاليا وفرنسا، للبحث في تعزيز العلاقات الاقتصادية وحض الاتحاد الأوروبي على المشاركة في القمة الاقتصادية التي يستضيفها منتجع شرم الشيخ منتصف آذار (مارس) المقبل، إضافة إلى مكافحة الإرهاب في المنطقة. وفي المقابل، يغيب السيسي عن القمة الأفريقية- التركية التي تعقد الأسبوع المقبل في غينيا الاستوائية، ويتوقع أن ينخفض التمثيل المصري فيها إلى ما دون وزير الخارجية. وأوضح الناطق باسم الرئاسة علاء يوسف أن جدول أعمال السيسي «ليست مدرجة عليه المشاركة في القمة التي تبدأ الأربعاء المقبل». لكنه اعتبر أن الحديث عن مقاطعة السيسي للقمة «لا مبرر له». وكان السيسي أصدر مساء أول من أمس قراراً بقانون يجيز له الموافقة على «تسليم المتهمين ونقل المحكوم عليهم من غير المصريين إلى دولهم، وذلك لمحاكمتهم أو تنفيذ العقوبة الصادرة في حقهم، متى اقتضت مصلحة الدولة العليا ذلك، وبناء على عرض يُقدمه النائب العام وبعد موافقة مجلس الوزراء». وعزا الناطق باسم الرئاسة في بيان القرار إلى «إعلاء مصلحة الوطن، والحفاظ على الصورة الدولية لمصر، بما يتناسب مع الإطار الحقوقي اللائق الذي تؤسس له الدولة المصرية، أخذاً في الاعتبار أن قضاء هؤلاء المحكوم عليهم بعضَ أو كل العقوبة داخل دولهم سييسِّر عملية إدماجهم الاجتماعي بعد قضاء عقوباتهم». واعتبر نائب رئيس «المجلس القومي لحقوق الإنسان» عبدالغفار شكر، أن القانون الجديد «خطوة إيجابية نحو تحسين العلاقات المصرية مع كثير من دول العالم، بعد حال التوتر التي شهدتها خلال الفترة الماضية»، مشدداً على أن هذا القرار «لا يمس القضاء المصري في شيء». ورأى رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» حافظ أبو سعدة، أن «القانون يتفق مع المعايير الدولية واتفاقات تسليم السجناء، وهو معمول به في الأعراف الدولية. هناك العديد من الدول التي سلمتنا موقوفين وحوكموا عندنا وقضوا العقوبات داخل السجون المصرية». ونفى تعارض القانون مع الدستور المصري، مشيراً إلى أن «القرار ليس فيه أي شبهة تمييز بين الأجانب والمصريين، إذ انه سيجري وفقاً لاتفاق مع تلك الدول يقضي بمحاكمة المتهمين الأجانب في دولهم أو قضاء العقوبات في حال حكم عليهم، وهناك ضمانات في التسليم وهناك سوابق دولية». وكان السيسي نبه خلال استقباله أمس وفداً إعلامياً إماراتياً، إلى أن «خطر اتساع خريطة الإرهاب أكثر من أي وقت مضى»، محذراً من «الخطاب الديني المغلوط والابتعاد من صحيح الدين الإسلامي». واستقبل السيسي الوفد في حضور وزير الدولة الإماراتي سلطان الجابر وسفير الإمارات في القاهرة محمد بن نخيرة الظاهري. وحذر من أن الدول العربية «تواجه خطراً حقيقياً يتطلب تضافر الجهود كافة لمواجهته والتصدي له والقضاء عليه». وأكد «دور وسائل الإعلام في زيادة وعي المواطنين ومواجهة الفكر المتطرف». ووفقاً لبيان رئاسي، عرض السيسي ملامح الخطة الاقتصادية المصرية، مشيراً إلى اعتزام الحكومة إصدار قانون الاستثمار الموحد الذي «سيقضي على العديد من العراقيل التي كانت تعوق عملية جذب الاستثمار إلى مصر كما سينهي الإجراءات البيروقراطية ذات الصلة «. وألقى الضوء على عدد من المشروعات الكبرى التي تنفذ في مصر، لاسيما مشروع استصلاح مليون فدان اعتماداً على المياه الجوفية، وإقامة مجتمعات عمرانية متكاملة المرافق والخدمات، إضافة إلى «قرب الانتهاء من إعداد الخطة الرئيسة لمشروع تنمية محور قناة السويس». واعتبر أن «العلاقات المصرية- الإماراتية تعد نموذجاً لنجاح العمل العربي المشترك في التصدي للأخطار المحدقة بالمنطقة»، مشيراً إلى «تطلع مصر لزيادة أعداد العمالة المصرية في سوق العمل الخليجية وتحسين أوضاعها». وأكد اعتزام مصر «الارتقاء بالمستوى المهني لهذه العمالة عبر تدريبها في مختلف المجالات وإكسابها المهارات الفنية اللازمة». وأكد وزير الدولة الإماراتي «دعم بلاده لمسيرة التنمية الشاملة التي تشهدها مصر على الأصعدة كافة، لاسيما الصعيدين السياسي والاقتصادي»، وفق البيان الرئاسي.