أعلنت الحكومة الباكستانية أمس، أنها ستراجع علاقاتها مع الولاياتالمتحدة في أعقاب قتل الاستخبارات الأميركية زعيم «طالبان باكستان» حكيم الله محسود بغارة شنتها طائرة من دون طيار، ما أدى إلى تقويض محادثات السلام المقررة بين الحركة وإسلام آباد. وامتنعت واشنطن عن الرد مباشرة على الانتقادات الحادة التي وجهتها إليها إسلام آباد بعد الغارة التي وقعت يوم الجمعة الماضي. واكتفى ناطق باسم الخارجية الأميركية بالقول إن الولاياتالمتحدةوباكستان لديهما «مصلحة استراتيجية وحيوية مشتركة في وضع حد للعنف المتطرف ولبناء منطقة أكثر ازدهاراً واستقراراً وسلاماً». وأضاف: «أما مسألة ما إذا كان يجب التفاوض مع حركة طالبان فهذا شأن باكستاني داخلي». وكانت الولاياتالمتحدة رصدت مكافأة مقدارها خمسة ملايين دولار للقبض عل محسود. ووصفت الحكومة الباكستانية قتل زعيم «طالبان باكستان» بأنه محاولة أميركية لعرقلة محادثات السلام واستدعت السفير الأميركي في إسلام آباد للاحتجاج. وقال وزير الداخلية الباكستاني تشودري نزار: «إن قتل حكيم الله هو اغتيال لجميع الجهود من أجل السلام»، مضيفاً أن الحكومة لا تزال ترغب في السعي من أجل السلام. وطالب بعض السياسيين الباكستانيين بوقف التعاون مع «الحرب على الإرهاب»، ما يعني قطع خطوط الإمداد للقوات الأميركية في أفغانستان. ومن شأن ذلك أن يحدث اضطراباً خطراً لحركة القوات الأميركية والغربية فيما تستعد للانسحاب من أفغانستان بحلول نهاية العام المقبل. ويعتبر التعاون الباكستاني حيوياً في محاولة إحلال السلام في أفغانستان، خصوصاً في حض «طالبان» الأفغانية على الدخول في محادثات مع حكومة كابول. وأصيبت العلاقات بين الولاياتالمتحدةوباكستان بالتوتر الشديد مرات عدة في السنوات الأخيرة، خصوصاً في 2011 عندما قتلت القوات الأميركية أسامة بن لادن زعيم تنظيم «القاعدة» في غارة اعتبرتها باكستان انتهاكاً لسيادتها. وكان مقرراً أن يجتمع ثلاثة من قادة «طالبان باكستان» بوفد حكومي السبت ووقعت الغارة فيما كانوا يجتمعون مع محسود وقياديين آخرين في الحركة، لمناقشة المحادثات. لكن مقتل محسود جعل الحركة تتراجع عن المحادثات. وتوعد ناطق باسم «طالبان باكستان» بموجة من التفجيرات الانتقامية. وكان وزير الداخلية الباكستاني تشودري نزار اتهم السبت الولاياتالمتحدة «بإحباط» جهود السلام مع الحركة بقتل محسود في ضربة صاروخية في المنطقة القبلية شمال غربي باكستان. وقال نزار: «حاولنا بصعوبة في الأسابيع السبعة الماضية بناء عملية يمكننا من خلالها صنع السلام في باكستان، وماذا فعلتم أنتم (الولاياتالمتحدة)؟»، مؤكداً أنه ستتم مراجعة «كل جانب» من جوانب التعاون بين إسلام آباد وواشنطن بعد الغارة. وأوضح الوزير الباكستاني أن فريقاً من رجال الدين كان على وشك الانطلاق للقاء وفد من حركة «طالبان باكستان» من أجل إطلاق محادثات السلام، حين قتل محسود. وأردف مخاطباً الأميركيين: «لقد قمتم بإحباط ذلك عشية الانطلاق، 18 ساعة قبل توجه وفد رسمي من علماء الدين المحترمين إلى ميرانشاه جواً لتسليم هذه الدعوة الرسمية». ومنذ تأسيسها قبل ست سنوات، قتلت الحركة آلاف المدنيين والجنود ورجال الشرطة في تمرد دموي تشنه ضد الدولة الباكستانية. كما أعلنت مسؤوليتها عن محاولة قتل الناشطة ملالا يوسف زي في تشرين الأول (أكتوبر) العام الماضي. وقال نزار إنه بصرف النظر عن هوية الذين سقطوا في الضربة الصاروخية، فإن «الحكومة الباكستانية لا تنظر إلى هذا الهجوم بالطائرة من دون طيار على أنه هجوم على فرد، وإنما هجوم على عملية السلام».