شن مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردي هجمات معاكسة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) الذي يحاصر منذ أيلول (سبتمبر) الماضي مدينة عين العرب (كوباني) ثالث أكبر المدن الكردية في سورية. ولوحظ في الساعات الماضية أن الأكراد تمكنوا من قطع طريق رئيسية يستخدمها تنظيم «الدولة الإسلامية» لاستقدام تعزيزات وإمدادات إلى عين العرب من محافظة الرقة المجاورة. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» في تقرير أمس أن «وحدات حماية الشعب الكردي تمكنت من تدمير 3 عربات ودراجة نارية لتنظيم «الدولة الإسلامية» على الطريق الواصل بين مدينة عين العرب وقرية حلنج الواقعة جنوب شرقي المدينة، في الساعات الأولى من فجر اليوم (أمس)، كما تمكنت وحدات الحماية من السيطرة على الطريق ذاته الذي يستخدم كطريق إمداد لتنظيم الدولة الإسلامية». وفي هذا الإطار، قال مدير «المرصد» رامي عبدالرحمن لوكالة «فرانس برس»: «نفذت وحدات حماية الشعب (الكردية) عملية نوعية اليوم (أمس) على طريق حلنج-عين العرب جنوب شرقي المدينة استهدفت خلالها مواقع لتنظيم الدولة الإسلامية خلف تلة مشتى النور» الاستراتيجية. وأضاف أن «العملية التي وقعت عند الساعة الثالثة فجراً وجرى خلالها تدمير ثلاث آليات ودراجة نارية، أدت إلى قطع طريق رئيسي يستخدمه التنظيم لاستقدام تعزيزات وإمدادات من محافظة الرقة»، مشيراً إلى أن المقاتلين الأكراد يسيطرون حالياً على هذا الطريق. ويستقدم تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي يسيطر على مناطق واسعة في سورية والعراق بشكل متواصل تعزيزات وإمدادات من محافظة الرقة القريبة الخاضعة لسيطرته، ومن مواقعه في محافظة حلب، إلى عين العرب التي تتراوح مساحتها بين ستة وسبعة كلم مربع. في المقابل، أشار «المرصد» إلى «استشهاد مواطنين اثنين على الأقل وإصابة نحو 10 آخرين بجروح جراء قصف لتنظيم «الدولة الإسلامية» على منطقة بالقرب من تل شعير في الريف الغربي لعين العرب». وأضاف أن «وحدات حماية الشعب الكردي نفّذت هجوماً على تمركزات لتنظيم «الدولة الإسلامية» ليلة (أول من) أمس في الريف الغربي لمدينة عين العرب، كذلك هاجمت وحدات الحماية تمركزات لتنظيم «الدولة الإسلامية» في الجهة الجنوبية للمدينة ليلة (أول من) أمس، بينما دارت اشتباكات في عدة محاور بالقسم الشرقي لعين العرب لا تزال مستمرة إلى الآن (أمس) بشكل متقطع». وأوضح «المرصد» أن «الاشتباكات أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 16 من تنظيم «الدولة الإسلامية» تمكنت وحدات الحماية من سحب جثث عدد منهم، ومعلومات مؤكدة عن مقتل عدد من مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي في الاشتباكات ذاتها». وكان «المرصد» نقل أول من أمس عن مصادر موثوق بها في مدينة الرقة أن «قيادياً عسكرياً كبيراً في تنظيم الدولة الإسلامية قال إن مقاتلي الدولة الإسلامية فوجئوا بالمقاومة الشرسة» التي أبدتها وحدات حماية الشعب الكردي في المدينة وأن معركة كوباني «استنزفت المئات من مقاتليهم». واستعادت القوات الكردية السيطرة على عدد من القرى المحيطة بعين العرب غير أن مراسلاً ل «رويترز» على الجانب التركي من الحدود قال إن الخطوط الأمامية في المدينة نفسها لا يبدو عليها تغيير ملحوظ إذ أن المقاتلين المتشددين ما زالوا يسيطرون على الجزء الشرقي منها. وقدر إدريس نعسان وهو مسؤول محلي في عين العرب أن تنظيم «الدولة الإسلامية» يسيطر حالياً على أقل من 20 في المئة من البلدة وقال إن نيران المدفعية الكثيفة التي أطلقها مقاتلو البيشمركة ساعدت الأكراد على التقدم إلى الجنوب والشرق. وقال شاهد من «رويترز» إن مقاتلي «البيشمركة» المتمركزين على تل في الجانب الغربي من البلدة أطلقوا صواريخ على مبنى رفع عليه تنظيم «الدولة الإسلامية» رايته السوداء. وأظهر تسجيل مصور على موقع «يوتيوب» مقاتلين يزعمون أنهم في محافظة الرقة في شمال سورية ويتعهدون بمساعدة عين العرب. وقال أحد المقاتلين في التسجيل إنهم قد حضّروا العبوات الناسفة والمتفجرات ويخبرون إخوانهم في عين العرب إنهم قادمون لمؤازرتهم. وتساعد الغارات المتواصلة التي يشنها التحالف الدولي على المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» في إعاقة تقدم عناصر التنظيم نحو السيطرة على عين العرب التي أصبحت رمزاً للمعركة الأكبر مع هذا التنظيم المتطرف. وشنت الولاياتالمتحدة وحلفاؤها في 23 أيلول الماضي أولى غاراتها على مواقع المسلحين المتطرفين في سورية، بعد نحو شهر ونصف على بدء ضربات التحالف الذي يضم دولاً عربية ضد أهداف في العراق المجاور. وفي هذا الإطار، ذكر «المرصد» في تقرير منفصل أنه تمكن من توثيق مقتل ما لا يقل عن 865 شخصاً منذ بدء التحالف العربي - الدولي غاراته وضرباته الصاروخية على مناطق في سورية فجر 23 أيلول الماضي وحتى 11 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري. وأشار إلى أن «من بين المجموع العام للخسائر البشرية 50 مواطناً مدنياً، من ضمنهم 8 أطفال و5 مواطنات استشهدوا جراء ضربات التحالف الصاروخية وغارات طائراته الحربية على مناطق نفطية يوجد فيها مصافي نفط محلية وآبار نفطية في منطقة الكبيبة والفدغمي والهول بريف الحسكة الجنوبي والجنوبي الشرقي وريف بلدة تل كوجر (اليعربية)، وبالقرب من بلدة خشام بريف دير الزور وفي منطقة حقل التنك النفطي وحقل الخراطة النفطي، ومعمل بمدينة الرقة، ومبنى المطاحن ومناطق أخرى في أطراف مدينة منبج بريف حلب الشمالي الشرقي، وقرية كفردريان ومدينة حارم بريف إدلب». كما وثّق «المرصد» مقتل «ما لا يقل عن 68 مقاتلاً من جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) جراء ضربات صاروخية نفذها التحالف العربي - الدولي على مقرات لجبهة النصرة في ريف حلب الغربي وريف إدلب الشمالي». وتابع: «كذلك قتل ما لا يقل عن 746 مقاتلاً من تنظيم «الدولة الإسلامية» غالبيتهم من جنسيات غير سورية جراء الضربات الصاروخية وغارات طائرات التحالف... على تجمعات وتمركزات ومقار لتنظيم «الدولة الإسلامية» ومحطات نفطية في محافظات حمص وحماة وحلب والحسكة والرقة ودير الزور». كذلك أشار «المرصد» إلى «استشهاد مقاتل من لواء إسلامي كان معتقلاً لدى تنظيم «الدولة الإسلامية» جراء قصف لطائرات التحالف على مقر التنظيم في ناحية معدان بريف مدينة الرقة». وشدد «المرصد» على «أن العدد الحقيقي للخسائر البشرية في صفوف عناصر تنظيم «الدولة الإسلامية» هو أعلى من العدد الذي تمكنا من توثيقه حتى الآن، وذلك بسبب التكتم الشديد من قبل تنظيم «الدولة الإسلامية» على الخسائر البشرية، وبسبب صعوبة الوصول إلى بعض المناطق التي تعرضت للقصف».