أشار «بنك الكويت الوطني» في نشرةٍ اقتصادية، إلى أن سلوك المستهلكين الكويتيين اكتسب أهمية متزايدة خلال العام الماضي في أعقاب تراجع أسعار النفط والأصول المالية الأخرى التي نجمت عنها آثار سلبية على النمو الاقتصادي، بعد أن كانت المحرك الرئيس له في الأعوام السابقة. وعلى رغم ندرة البيانات المتاحة المتعلقة بالقطاع الاستهلاكي، إلا أن ما هو متاح، يشير إلى أن قطاع التجزئة في الكويت عاود الارتفاع بعد أن شهد تباطؤاً حاداً العام الماضي، ولم يؤد نشاطه إلى ارتفاع أسعار السلع. ولفت الوطني إلى أن أحد أهم مصادر المعلومات يتمثل في بيانات التعاملات ببطاقة السحب الآلي محلياً، فبعد تراجعها الحاد منتصف 2008، تسارع ارتفاع معدل نمو قيمتها السنوي في الربع الثاني من 2009 بنسبة 37 في المئة، ما يمثل تعافياً تقليدياً أخذ شكل V. ويعزى جزء من الارتفاع إلى التطورات الاستثنائية التي حصلت عام 2008، أي انخفاض قيمة السحوبات في الربع الثاني منه وارتفاعها في شكل مفاجئ وملحوظ في الربع الثالث، ما قد يكون ناجماً عن لجوء كثيرين إلى سحب أموالهم جراء الأزمة المالية. لذلك، يفترض أن يتراجع معدل النمو مجدداً في الربع الثالث من السنة الحالية. لكن لدى المقارنة على أساس ربع سنوي، يلاحظ أن النمو شهد أيضاً تحسناً مستقراً (-1.8 في المئة في الربع الرابع من 2008، -0.4 في المئة في الربع الأول و6.1 في المئة في الربع الثاني من 2009)، أي أن جزءاً من هذا الارتفاع كان «حقيقياً». ولحظ الوطني أنه يمكن استخلاص صورة مشابهة من بيانات السحوبات في نقاط البيع، التي ترصد قيمة المشتريات باستخدام البطاقات في المحال التجارية. فمن حيث الحجم، سجل معدل النمو السنوي في عدد السحوبات في نقاط البيع أدنى مستوى له في الربع الرابع من العام الماضي عند 1.6 في المئة، قبل أن يرتفع مجدداً ليبلغ بحلول الربع الثاني من السنة الحالية 14.9 في المئة، أي قريباً من مستوياته نهاية 2007 قبل الأزمة. واللافت استمرار تباطؤ النمو في قيمة هذه السحوبات، ليبلغ حالياً 5.3 في المئة مقارنة ب 20.6 في المئة في الربع الثاني من 2008. فيما تبدو البيانات متناقضة في الظاهر، إلا أنها قد تعطي لمحة عن الضغوطات التي تواجه الأسعار في الكويت. ولحظ الوطني أن معدل النمو السنوي في حجم المبيعات تجاوز معدل نمو قيمتها بفارق قياسي، بلغ على سبيل المثال 10 نقاط مئوية في الربع الثاني من 2009. ويشكل ذلك دلالة على أن الضغوط التضخمية تبددت، بل أن أسعار التجزئة قد تكون في انخفاض. وتظهر البيانات الرسمية الأخيرة أن المعدل السنوي للتضخم في أسعار المستهلك ما تزال فعلياً عند 5.9 في المئة ورأى الوطني أنه بقدر ما قد يكون تراجع الضغوطات التضخمية ناجماً عن ضعف في الطلب، بقدر ما يشكل في الوقت ذاته دلالة على تنامي درجة المنافسة بين تجار التجزئة. ويلاحظ في المجمعات التجارية إجراء خصومات كبيرة في الأسعار خلال الأشهر الأخيرة، قد تصل إلى 50 في المئة على بعض السلع. انتعاش الثقة أيضاً وإلى جانب بيانات السحوبات بالبطاقات، لحظ الوطني بوادر تعاف قوي في تطلعات المستهلكين الكويتيين، وهو مؤشر إيجابي لبعض الجهات الرسمية التي تتخوف من تداعيات الأزمة المالية وارتفاع عدد المسرحين من وظائفهم، على هذا القطاع الرئيس في الاقتصاد الوطني. فبعد انخفاضه إلى أدنى مستوى في شباط (فبراير) دون 80 نقطة، عاود مؤشر شركة «آراء» لثقة المستهلك الارتفاع خلال الأشهر القليلة الماضية، ليسجل 107 نقاط في تموز (يوليو) الماضين وبذلك، مقترباً من مستواه منتصف 2007، أي قبل وصول الأزمة المالية العالمية إلى الخليج بوقت كثير. واستدرك الوطني أن كلاً من بيانات السحوبات ببطاقات الائتمان والسحب الآلي وبيانات مؤشر ثقة المستهلك ليست لها سجلاً تاريخياً طويلاً، لذلك من الصعب اعتمادها كمؤشر موثوق للنشاط الاقتصادي في شكل عام.