كيف أصبح العالم بعد ثماني سنوات من أحداث أيلول (سبتمبر) في الولاياتالمتحدة؟ هل تجاوز الأميركيون الزلزال وتوابعه وعادوا الى الحياة بصورة طبيعية؟ هل طبقوا مقولة «عفا الله عما سلف» وسامحوا العرب والمسلمين على فعلة نفر منهم؟ هل أدرك العرب والمسلمون بدورهم أن ضرب برجي مركز التجارة العالمي ومقر البنتاغون ثم الحرب على الإرهاب ومطاردة المشتبه بهم في كل مكان ووضع القيود على دخول العرب والمسلمين الى أميركا والدول الغربية كان يتطلب منهم إعادة صياغة علاقتهم بأنفسهم وبالأطراف الإخرى في العالم؟ لا تحتاج الاسئلة الى اجتهادات كبيرة للإجابة عنها فالهجمات فرضت أوضاعاً جديدة، لكن الاسئلة تعكس الى أي حد أثرت أحداث أيلول (سبتمبر) على العالم وصعّبت كثيراً من مهمة بعض "الإصلاحيين" في العودة بكل الأطراف الى ما قبل الهجمات، علماً أن الأوضاع وقتها لم تكن جيدة بين العرب والمسلمين من جهة وبين الغرب عموماً وأميركا خصوصاً من جهة أخرى. انقسم العالم بعد الأحداث الى فسطاطين كما أراد أسامة بن لادن وكذلك الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، ولم يعد من السهل ردم الهوة بين كل من الفسطاطين فيما بقيت عناصر كل فسطاط تعتبر أنها الأحق بالجنة، في حين أن المصير المحتوم لأعضاء الفسطاط الآخر سيكون في جهنم، نعم جرت محاولات لمعالجة آثار الهجمات وأبرزها كلمة الرئيس الأميركي باراك أوباما الى العالم الإسلامي التي وجهها من القاهرة ودعا فيها صراحة الى تجاوز الماضي وأقر بأخطاء الإدارة الأميركية السابقة، لكن الواقع يشير الى أن المعضلات التي أفرزتها أحداث أيلول يحتاج حلها الى أكثر من مجرد كلمة يوجهها رئيس أميركي من عاصمة عربية، وأن تجاوز الاشكال البروتوكولية في التفكير أصبح أمراً لازماً لأنه حدث كان له تأثير كبير ولم يكن يليق التعامل معه باستخفاف ولا التعاطي معه بصورة تقليدية. عموماً توارى العمل العسكري لتنظيم «القاعدة» وغاب نشاطه عن وسائل الاعلام، كما أن عناصر التنظيم الذين كانوا يستخدمون أفغانستان مركزاً لشبكة تبين في ما بعد أنها معقدة وامتدت خيوطها لتصل الى أنحاء متفرقة من العالم، لم يبقوا في أماكنهم، إذ قبض على بعضهم وقتل آخرون منهم ونام الباقون في كمائنهم حتى تمر العاصفة. نعم تعرض التنظيم لضرر شديد أثر على قدرة قائده أسامة بن لادن ومساعده الدكتور أيمن الظواهري في الحركة أو تعبئة العناصر ودفعهم لتنفيذ عمل ما، لكن الحقيقة أن أفكار التنظيم صارت تنتقل من مكان الى آخر بسهولة وحرية، علماً أن محاربة الأفكار لا يمكن أن تكون عبر الإجراءات الأمنية أو وضع القيود على المطارات ومنافذ الدخول الى الدول الغربية. أطلق الرئيس الأميركي أوباما، عبر كلمته من القاهرة، مبادرة الى العالم الإسلامي لكنه لم يتبعها بتحركات وسياسات تضع مبادرته على أرض الواقع، فبقيت معلقة تنتظر من يلتقطها. فهل تبقى المبادرة معلقة ويبقى الحال على ما هو عليه حتى يفيق العالم مجدداً على حدث بوزن وتأثير ما جرى في 11 أيلول (سبتمبر) 2001؟ ألا يلاحظ القائمون على الحملة على الإرهاب أن التنظيمات المحلية في دول عدة صارت تتبنى أفكار «القاعدة» وتنفذ أهدافها من دون أن تكون لها صلات بهذا التنظيم أو بأي من زعمائه؟ هل يعتقد البعض أن التنظيميات المحلية أقل خطورة ولا تستطيع الوصول الى الولاياتالمتحدة أو أي من الدول الغربية و "تستسهل" تنفيذ عملياتها في دولها؟ تكفي فقط قراءة تاريخ تنظيم «القاعدة» والسيرة الذاتية لقادته من الأصوليين لندرك أن كل تنظيم بدأ بفكرة تبناها شخص وأقنع بها آخرين، وتحولت الفكرة بمرور الوقت الى زلزال كبير. فهل ينتظر العالم حتى يقع زلزال آخر؟