أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي أن «المصلحة الوطنية تقتضي منا جميعاً العودة إلى الحوار والتلاقي سبيلاً وحيداً للخروج من المأزق الراهن، وأي رهان على متغيرات من هنا أو هناك سيؤدي إلى إغراق لبنان في صراعات لا تخدمه»، داعياً الفلسطينيين إلى «عدم تحويل المخيمات إلى بؤر مخلة بالأمن». وشدد على أن «تشكيل حكومة جديدة في لبنان بات أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى»، معتبراً أن «عودة الثقة بين الأطراف اللبنانيين باتت أولوية ملحة لأن استمرار التباعد الحاصل والتمترس خلف شروط وشروط مضادة سيؤدي بنا إلى الهلاك». ورأى خلال رعايته حفلة إطلاق خطة تطوير لجنة «الحوار اللبناني - الفلسطيني»، في السراي الكبيرة أمس، أن «أصول الضيافة والرعاية تقتضي من الأخوة الفلسطينيين الاحترام الكامل للسيادة اللبنانية وسلطة القانون وعدم السماح لأي كان بتحويل المخيمات الفلسطينية في لبنان إلى بؤر تنطلق منها الأعمال المخلة بالأمن أو مأوى للفارين من وجه العدالة، ما يخلق عوامل نفور لا نريدها أبداً في العلاقات بين الشعب اللبناني والأخوة الفلسطينيين على أرضه». واعتبر أن «لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني، لعبت دوراً أساسياً في سد فراغ في الإدارة اللبنانية في التعاطي مع الوجود الفلسطيني في لبنان». وقال: «اتسمت العلاقات اللبنانية - الفلسطينية بالكثير من التأرجح والتوتر، وآن الأوان لأن نبني مع إخواننا الفلسطينين علاقات مستقرة، راسخة وقوية عمادها رفض التوطين والتمسك بحق العودة». وتابع: «إن إعداد مشروع قانون بإنشاء الهيئة العليا لشؤون اللاجئين إنما يؤشر إلى نيتنا مأسسة العلاقات اللبنانية - الفلسطينية وتحديد المهمات الموكلة إلى هذه الهيئة بما يناسب تطلعاتنا إلى فرض سيادة القانون على الجميع في لبنان ويلاقي تطلعات الفلسطينيين في التعامل معهم في شكل لائق». واعتبر أن «لبنان يمر في مرحلة من الصعوبات فرضتها موجات النزوح الكبيرة من سورية لإخواننا السوريين والفلسطينيين ما فرض واقعاً جديداً في لبنان أثر على كل شيء فيه، من بنيته التحتية، إلى الوضع الأمني والوضع المعيشي». وتمنى أن يصار الى «سلسلة خطوات عملية لترجمة دعم المجتمع الدولي للبنان عبر مساعدتنا على تحمل أعباء التحديات الاقتصادية والانسانية الخطيرة الناتجة من أزمة النازحين السوريين في لبنان والتي أشار إليها بوضوح التقرير الأخير للبنك الدولي»، وقال: «ملتزمون بقواعد الأخوة والانسانية تجاه اخواننا السوريين ونتعاطف مع مأساتهم، ولكن الأولوية لدينا هي حماية وطننا وشعبنا ودرء الأخطار الداهمة نتيجة أزمة النزوح من سورية. وعلى هذا الأساس باشرنا بتطبيق سلسلة من الإجراءات لمنع تزايد أعداد السوريين في لبنان إلا ضمن شروط محددة، وكل شخص سوري موجود في لبنان ولا تنطبق عليه صفة اللاجئ ولا يستوفي الشروط القانونية لاقامته سنعيد النظر في وضعه». وقال رئيس لجنة «الحوار اللبناني-الفلسطيني» خلدون الشريف إن «العلاقات اللبنانية - الفلسطينية مرت بمراحل شديدة الصعوبة وترميمها يتطلب جهوداً استثنائية من الجميع لأن التاريخ يشهد على تداخل الموضوع الفلسطيني تقريباً في كل أزمة عشناها في لبنان منذ احتلال فلسطين». وأضاف: «نتفق لبنانيين وفلسطينيين على رفضنا توطين الفلسطينيين على أرض لبنان وتمسكنا بحق العودة لكل اللاجئين إلى أرضهم»، رافضاً «الصعوبات التي يعيشها أبناء المخيمات في لبنان حتى لا تتحول المخيمات إلى مناطق توتر دائم». ودعا المجتمع الدولي الى «الإيفاء بالتزاماته تجاه الشعب الفلسطيني داخل فلسطين وفي الشتات من خلال دعم المنظمة الدولية المسؤولة عن غوث اللاجئين الاونروا». وفي السياق اعتبر الممثل المقيم لبرنامج «الاممالمتحدة الإنمائي» روبرت واتكنز في كلمة أن «هذه المبادرة تأتي في فترة من تاريخ لبنان يشوبها الغموض والخشية، ولكنني على يقين بأن العملية الإستشارية المكثفة التي قامت بها لجنة الحوار ستؤمن للهيكلية المقترحة النجاح والمصادقة من جهة المشرعين»، معتبراً أن «لجنة الحوار لا تزال تواجه عدداً كبيراً من التحديات في تأدية مهماتها التي تقضي بدعم المجتمعين اللبناني والفلسطيني». وتسلم ميقاتي مذكرة من الفصائل الفلسطينية في مخيم نهر البارد واللجنة الشعبية للمخيم تطلب منه «السعي لدى الدول المانحة ولدى وكالة الغوث من أجل إلغاء إجراءات الأونروا الأخيرة واستمرار العمل بخطة الطوارئ حتى الإنتهاء من إعمار المخيم وعودة أبنائه إليه». إلى ذلك، عقدت الفصائل الفلسطينية في لبنان اجتماعاً تشاورياً في السفارة الفلسطينية لدى بيروت بحثت خلاله وفق بيان «أوضاع أبناء شعبنا الفلسطيني في المخيمات». وشدد المجتمعون على «المضي في الاعتصام المفتوح أمام مكتب الاونروا في بيروت دعماً لابناء مخيم نهر البارد». وأشاد المجتمعون «بروح المسؤولية العالية التي يتحلى بها ابناء شعبنا في المخيمات من خلال التزامهم بأمن واستقرار لبنان الشقيق وعدم تدخلهم بشؤونه الداخلية».