أثار سيلفيو بيرلوسكوني أزمة في ايطاليا، بعدما أمر وزراء ممثلّين لحزبه بالاستقالة من الحكومة الموسّعة التي يرأسها إنريكو ليتّا منذ خمسة شهور، إثر فشل زعيم يمين الوسط في إجبار الحكومة والبرلمان على تجاهل قرار محكمة النقض الإيطالية القاضي بسجنه أربع سنوات ومنعه من تولي مناصب رسمية. وأتى ذلك قبل ايام من اجتماع للجنة الحصانة البرلمانية، ستُسقط عضوية بيرلوسكوني في مجلس الشيوخ وتتيح للقضاء والشرطة تنفيذ الحكم القضائي في حقه. الاستقالة الجماعية لوزراء بيرلوسكوني أنهت أسابيع من الاحتضار الطويل لحكومة ليتّا، منذ تموز (يوليو) الماضي، بعدما أصدرت محكمة النقض حكمها، إذ حاول بيرلوسكوني مقايضة الدولة دعمه الحكومة، ببراءته وإسقاط الحكم عنه. وكان استبق ذلك بتهديد باستقالة جماعية لممثلي حزبه في مجلسَي النواب والشيوخ، معلناً في دعاية اعلامية ضخمة رفضاً مُطلقاً لزيادتين ضريبيّتين، كان على حكومة ليتّا مواجهتهما، تمهيداً لحملة انتخابية يدغدغ خلالها بيرلوسكوني وحزبه مشاعر ناخبين، كما فعل سابقاً حين تعهد إلغاء ضرائب وإيجاد مليون فرصة عمل لعاطلين من العمل، من دون تحقيق أيٍّ من وعوده. وفتحت استقالة وزراء بيرلوسكوني ازمة حكومية ستدفع ليتّا الى تقديم استقالته إلى رئيس الجمهورية جورجيو نابوليتانو، بعد أن يمثل رئيس الوزراء غداً أمام مجلس النواب، طالباً الثقة بحكومته ل «أُطلِع الشعب على مَن يُسقط هذه الحكومة»، معتبراً أن سحب بيرلوسكوني وزراءه من الحكومة «خطوة مجنونة وغير مسؤولة هدفها حماية مصالحه الشخصية». أما نابوليتانو فأعلن انه لن يقرر «حلّ (المجلسين)، إلا اذا لم تكن هناك أي حلول أخرى». ويسعى ليتّا إلى مخرج، ولو موقت، للأزمة، عبر لملمة غالبية برلمانية جديدة وبديلة، في مجلس الشيوخ، من خلال استمالة عناصر معتدلة في تيار يمين الوسط، ومعارضين في حركة «5 نجوم» التي يتزعمّها الكوميدي السابق بيبّي غريلّو. وسيطلب ليتّا من مجلسَي النواب والشيوخ التصويت بالثقة على حكومته، في محاولة لتجنّب انهيار كامل وتمرير قانون الموازنة ومحاولة تعديل قانون الانتخابات. وإن لم يتحقّق ذلك، سيُضطر رئيس الجمهورية الى حلّ البرلمان والدعوة الى انتخابات مبكٌرة في غضون 75 يوماً. وبرزت داخل حزب بيرلوسكوني، تشقّقات تُعتبر سابقة، اذ تململ قياديون رأوا أن قراراً باستقالة الوزراء «كان لا بدّ أن يُناقش داخل الحزب، قبل تنفيذه». واعتبر اعلاميون قرار بيرلوسكوني «بمثابة حركة شمشون الذي هدم المعبد على نفسه ومَن فيه»، فيما تحدث رئيس تحرير صحيفة «لا ريبابليكا» الواسعة الانتشار إيتسيو ماورو عن «جرّ البلد الى هاوية»، ودعا المعتدلين في حزب بيرلوسكوني إلى «تركه لوحده».