وجه القضاء المصري أمس ضربة جديدة إلى جماعة «الإخوان المسلمين»، عندما أمر بحظر نشاط الجماعة وحل جمعيتها التي تم إشهارها في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، والتحفظ على أموالها. لكن القرار القضائي الذي أعلنت الجماعة نيتها الطعن فيه لا ينسحب على حزب «الحرية والعدالة» الذي أسسته في أعقاب «ثورة يناير». وهذا أول قرار قضائي بحظر نشاط «الإخوان» منذ تأسيسها العام 1928، إذ كان قرار حل «الإخوان» في العام 1954 إدارياً أصدره مجلس قيادة الثورة في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وطعنت عليه «الإخوان». وظلت الجماعة توصم بلقب «المحظورة» خلال سنوات حكم الرئيس السابق حسني مبارك. وبقيت الجماعة منذ تأسيسها كياناً بلا سند قانوني حتى بعد تصدرها المشهد عقب «ثورة يناير»، قبل أن تقرر إشهار جمعية أهلية أطلقت عليها اسم «جمعية الإخوان المسلمين» في آذار (مارس) الماضي، وهي الجمعية التي أمرت المحكمة أمس بحلها أيضاً، كما ستنظر غداً محكمة أخرى في دعاوى تطالب بحلها. وفي حين رحبت قوى سياسية بالحكم القضائي، قللت جماعة «الإخوان» من تأثيره على نشاطها وأكدت أنها ستطعن به. وأكد مصدر حكومي ل «الحياة» التزام الدولة بتنفيذ أحكام القضاء، مشيراً إلى أن لجاناً قانونية تبحث في حيثيات الحكم القضائي لتنفيذه. ولم تكتف محكمة القاهرة للأمور المستعجلة التي أصدرت حكمها أمس بحظر أنشطة جماعة «الإخوان»، بل أمرت بحل جمعيتها وكل المؤسسات المتفرعة عنها والتابعة لها وكل المؤسسات التي تتلقى منها دعماً مالياً ويقوم عليها أحد أعضاء الجماعة، كما أمرت المحكمة بمصادرة كل أرصدة الجماعة والأشخاص المنتمين إليها وأموالهم وممتلكاتهم، على أن يتم تشكيل لجنة مستقلة من مجلس الوزراء تتولى إدارة هذه الأموال إلى حين صدور أحكام قضائية نهائية وباتة تتعلق بوضع الجماعة وجمعيتها. وقالت المحكمة في أسباب حكمها إن «الجماعة اتخذت من الإسلام الحنيف ستاراً لها ولأنشطتها المنافية لصحيح الإسلام والمخالفة لأحكام القانون، واجترأت على حقوق المواطنين وأهدرتها، وافتقد المواطنون في ظل توليها للحكم أبسط حقوقهم في العدالة الاجتماعية والأمن والطمأنينة». وأشارت إلى أن «المصريين لم يجدوا في الجماعة حينما تولت الحكم، إلا التنكيل والاستعلاء، وزادت أحوال المواطنين سوءاً، فهبوا في ثورة 30 حزيران (يونيو) بسلمية يعبرون عن رفضهم للظلم، ومستعينين بالقوات المسلحة التي هي جزء أصيل وأساسي من الوطن لا ينفصل عن شعبه في مواجهة هذا النظام الظالم». ودعت المحكمة «الأزهر الشريف باعتبار أنه يمثل منبر الوسطية إلى أن يستمر في خطابه الدعوي المعتدل ودوره الفكري الذي يقوم بمحاربة الفكر المتطرف الداعم للإرهاب، وأن ينشر الصورة الحقيقية السمحة للدين الإسلامي الحنيف». وقلل القيادي في الجماعة محمد علي بشر من تأثير الحكم القضائي على مصير «الإخوان»، مشيراً إلى أنه «صدر من محكمة غير مختصة، وسيتم الطعن به بعدم الاختصاص». وقال ل «الحياة» إن «الحكم غير نهائي، وهناك طريق قانوني سنسلكه لوقف أثاره، بالتوازي مع مسار سياسي آخر نمضي فيه». وأكد أن الحكم لن يؤثر على جهود تحقيق المصالحة الوطنية التي أكد أنها «تراوح مكانها». أما عضو الهيئة القانونية لجماعة «الإخوان» أسامة الحلو فقال إن الجماعة لم تعلم بالقضية ولم تحضر جلساتها. وأضاف: «علمنا بالقرار عبر وسائل الإعلام، وسيدرس محاميو الجماعة حيثيات الحكم ويبحثون في إمكان الطعن به أمام محكمة مستأنف عابدين خلال 15 يوماً بحسب القانون». لكنه لفت إلى أن «الدعوى اختصمت الحكومة لإلزامها بحظر نشاط الإخوان، ويبدو من فحوى الحيثيات أن الجماعة ليست طرفاً في القضية، وبالتالي قد لا يمكنها الطعن بالحكم القضائي». غير أن مصدراً قضائياً مطلعاً أكد ل «الحياة» أحقية جماعة «الإخوان» الطعن بالحكم القضائي باعتبارها «متضررة من الحكم»، لكنه أشار إلى أن هذا الحكم «مشمول بالنفاذ وبالتالي فإن الطعن به لا يوقف تنفيذه، وكي يتم وقف التنفيذ يجب تقديم استشكال أمام الدائرة نفسها يطلب فيه وقف التنفيذ على أن تفصل المحكمة في هذا الاستشكال سواء بقبوله أو رفضه». إلى ذلك، واصلت لجنة تعديل الدستور عملها أمس، وظهر أنها تتجه إلى تخصيص حصة للنساء ضمن مقاعد البرلمان. وأكد الناطق باسم اللجنة محمد سلماوي أمس أن غالبية القضايا الخلافية في الدستور «لم يتم التوافق عليها حتى الآن»، لافتاً إلى ان النص على «مدنية الدولة» في الدستور الجديد استحوذ على اهتمام كبير في المناقشات. ونفى أي خلاف على «المبدأ»، لكن «هناك خلافات في شأن الصياغة، واللفظ الأنسب الذي يحقق التوافق بين الأعضاء من حيث مفهوم دولة القانون والمواطنة والمساواة وسيادة القانون». وأقر باستمرار الخلافات في شأن نظام الانتخابات البرلمانية المقبلة ونسبة تمثيل العمال والفلاحين في المجالس المنتخبة وبقاء مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) من عدمه. وقال إن «هذه القضايا لم يتم الانتهاء من بحثها حتى الآن وهناك وجهات نظر عدة في شأنها، إلا أن هناك اتجاهاً لإقرار كوتا (حصة) للمرأة في البرلمان الجديد». وتقدمت أمس مجموعة من ناشطي حملة «لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين» باقتراحات إلى لجنة الخمسين لتعديل الدستور لإجراء تعديلات على المواد المتعلقة بالقضاء العسكري تحظر محاكمة المدنيين أمامه.