دوّت أصوات انفجارات قوية وإطلاق نار غزير، وتلاها ارتفاع دخان أسود قرب مركز «ويست غايت» التجاري في نيروبي الذي يحتله إسلاميون مسلحون منذ السبت الماضي، فيما أكدت قوات الأمن الكينية أنها سيطرت على القسم الأكبر من المركز التجاري، وحاصرت مسلحي حركة «الشباب الصومالية» الإسلامية الذين نفذوا الهجوم في مكان واحد داخل المركز. ترافق ذلك مع إرجاء المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي محاكمة وليام روتو، نائب الرئيس الكيني، لمدة أسبوع، من أجل السماح له بالعودة إلى بلاده والتعامل مع أزمة الرهائن في المركز، علماً أن روتو يواجه على غرار الرئيس الكيني أوهورو كينياتا اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال أعمال عنف اجتاحت كينيا بعد انتخابات عام 2007، والتي أثارت خلافات. ويعتبر هذا الاعتداء الأكثر دموية في نيروبي منذ الهجوم الانتحاري الذي شنه تنظيم «القاعدة» على السفارة الأميركية في آب (أغسطس) 1998، وخلّف أكثر من مئتي قتيل. وأعلن الصليب الأحمر الكيني مقتل 69 شخصاً على الأقل وفقدان 63 آخرين قد يكونون رهائن محتجزين، أو مختبئين في المركز المؤلف من أربعة طوابق، أو قتلى، علماً أن السلطات الكينية حذرت أول من أمس من ارتفاع كبير في حصيلة الضحايا، بعدما عثرت قوات الأمن على جثث جديدة خلال مواجهتها المسلحين الذين يعتقد بأن عددهم 12. وأكدت وزارة الخارجية البريطانية مقتل 3 مواطنين على الأقل، فيما حذر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون من «أنباء سيئة أخرى»، ما دفعه إلى اختصار زيارة إلى اسكتلندا والعودة إلى لندن. كما أعلنت كندا والولايات المتحدة والصين وفرنسا وغانا والهند وهولندا والبيرو وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية سقوط ضحايا من رعاياها. وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري صرح أول من أمس، بأن «هجوم نيروبي يُظهر خطورة التهديد الذي يمثله المتمردون الصوماليون الإسلاميون، وأهمية التحدي الذي نخوضه في مواجهة إرهابيين شرسين». وزاد: إنه «مس هائل بمعنى الخير والشر لدى أي شخص». وفي تسجيل صوتي نشر على الإنترنت، أعلن الشيخ علي محمد راجي، الناطق باسم الحركة التي تبنت الهجوم رداً على التدخل العسكري الكيني في الصومال نهاية 2011، أنه سيأمر بقتل الرهائن الباقين «بسبب الضغط الذي تمارسه قوات كينية وإسرائيلية وحلفاؤهما المسيحيون على المهاجمين المحاصرين في المركز». وكانت مصادر أمنية إسرائيلية أعلنت أن مستشارين إسرائيليين يساعدون كينيا في وضع استراتيجية لإنهاء حصار المركز التجاري. إلى ذلك، نفى مسؤول في الحركة المرتبطة بتنظيم «القاعدة» عرّف عن نفسه باسم أبو عمر صحة معلومات أوردتها صحف بريطانية عن تورط سامنتا ليوثوايت، أرملة أحد انتحاريي اعتداءات لندن في 7 تموز (يوليو) 2005 والمعروفة باسم «الأرملة البيضاء»، بالهجوم، وقال: «لا يطلب الإسلاميون من شقيقاتهم تنفيذ عمليات عسكرية». لكن مصدر أمني كيني أشار إلى أن أشرطة كاميرات المراقبة داخل المركز التجاري أظهرت مشاركة امرأة بيضاء بريطانية على الأرجح بفاعلية في الهجوم الذي نفذ باقتحام عدد من المهاجمين البوابة الرئيسة للمركز التجاري، حيث ألقوا قنابل وأطلقوا عيارات نارية على رواد مقاه، فيما دخل مسلحون آخرون من موقف السيارات وأطلقوا النار على أحد الحراس قبل أن يتوجهوا إلى الطوابق العليا للموقف حيث أقامت إذاعة محلية احتفالاً. وسامنتا مدرجة على لائحة المطلوبين الرئيسيين في العالم، خصوصاً من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) التي رصدت جائزة مقدارها 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات حولها، والشرطة البريطانية «اسكتلنديارد» والشرطة الدولية «انتربول» والاستخبارات الكينية والصومالية. وقبل انعقاد المؤتمر الدولي حول الصومال في لندن في شباط (فبراير) 2012، كشف ديبلوماسي بريطاني أن «حوالى 50 بريطانياً يتدربون مع مقاتلين أجانب في معسكرات حركة الشباب في الصومال. ثم أشارت تقارير صحافية بريطانية في أيار (مايو) إلى احتمال وجود سامنتا في كينيا أو الصومال. ولاحقاً، كشفت الحركة على حسابها على «تويتر» إن 3 من منفذي الهجوم هم أميركيون إضافة إلى اثنين من الصومال وكيني وكندي وفنلندي وبريطاني، فيما أكد جوليوس كارانغي، رئيس هيئة الأركان الكينية، أن المسلحين الضالعين في الهجوم ينتمون إلى دول عدة لم يكشفها، وقال: «نملك فكرة عن هوياتهم وجنسياتهم وعددهم، وهم مجموعة متعددة الجنسيات من أنحاء العالم، لذا ليس الهجوم حدثاً محلياً، بل إرهاب عالمي».