يمثل متمردو القوقاز الروسي الذين ذهبوا ل «الجهاد» في سورية تهديداً أمنياً جدياً في حال عودتهم إلى روسيا، خصوصاً خلال الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي في شباط (فبراير) المقبل، في وقت أعلن وزير الداخلية الفرنسي إيمانويل فالس أن «أكثر من 130 فرنسياً أو مقيماً في فرنسا» معظمهم من الإسلاميين المتشددين يقاتلون حالياً في سورية ضد نظام الرئيس بشار الأسد. وقال رئيس تحرير موقع «كافكاز أوزيل» الإخباري المتخصص غريغوري شفيدوف إن «المقاتلين المتحدرين من روسيا يكتسبون حالياً في سورية خبرة في حرب المدن. المتمردون هنا لا يملكون هذه الخبرة. وإذا ما عادوا من سورية ونظموا صفوفهم، سيشكلون خطراً كبيراً». ويضيف في تصريحات إلى وكالة «فرانس برس» أن مدينة «سوتشي معرضة بشكل كبير لمثل هذه العمليات، لهجوم من مجموعات مدربة في سورية على المعارك في المدن، على رغم كل الإجراءات المعلنة في شأن الأمن» خلال الألعاب الأولمبية الشتوية. ودعا زعيم المتمردين الإسلاميين في القوقاز الروسي دوكو عمروف في تموز (يوليو) الماضي إلى منع إقامة الألعاب الأولمبية الشتوية المزمع تنظيمها في سوتشي على البحر الأسود «بكل الطرق». ويعتبر غريغوري شفيدوف أنه «إذا ما عاد مقاتلون من سورية للاستجابة خصوصاً إلى دعوة عمروف، فإن هذا يمثل مبعثاً جدياً للقلق». وأعلن عمروف، العدو الأول للكرملين، مسؤوليته عن عدد كبير من الهجمات الدامية خلال الأعوام الأخيرة في روسيا، بينها هجوم على مطار دوموديدوفو في موسكو في عام 2011 أسفر عن 37 قتيلاً وهجمات على شبكات المترو في موسكو في عام 2010 أسفرت عن 40 قتيلاً. من جهته يقول أليكسي مالاتشينكو من «معهد كارنيغي» في موسكو: «في وقت من المقرر إجراء الألعاب الأولمبية قريباً، فإن هؤلاء الأشخاص من متعصبين وأنصاف المجانين هم الذين يمثلون خطراً حقيقياً». كذلك أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن مخاوف من عودة المتمردين المتحدرين من روسيا والذين يقاتلون حالياً ضد النظام السوري. وكتب في مقالة نشرتها الأسبوع الماضي صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية: «لا يسعنا إلا القلق لوجود مئات المتمردين القادمين من بلدان غربية وحتى من روسيا بين الذين يقاتلون في سورية. من يضمن لنا أن هؤلاء الرعاع، مدعومين بخبرتهم، لن يعودوا إلى بلداننا؟ إنه تهديد حقيقي لنا جميعاً». لكن كم يبلغ عدد هؤلاء المقاتلين في سورية؟ يجيب مالاتشينكو أنه «بحسب معلوماتنا من مصادر متعددة، ثمة ما بين 300 و 2000 مقاتل. برأيي، عددهم يقارب الألف». كما يوضح أن من بين هؤلاء متمردين من الشيشان وداغستان في القوقاز، إضافة إلى مسلمين متحدرين من تتارستان في روسيا الوسطى. ويظهر عدد من التسجيلات المصورة على موقع «يوتيوب» مجموعات يتكون كل منها من حوالى ثلاثين مقاتلاً يتكلمون الروسية بلكنة قوقازية إلى جانب مقاتلين من المعارضة السورية، لكن التسجيلات لا تظهر أي تنظيمات أكبر عدداً. ويحرص بوتين بقوة على إنجاح الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي المزمع إجراؤها بين 7 و 24 شباط (فبراير) في حدث استخدم الرئيس الروسي كل نفوذه للحصول على حق استضافته على أمل أن يشكل واجهة جميلة أمام العالم لروسيا. وأعلنت السلطات الروسية الأسبوع الماضي أنها فككت مجموعة على صلة بدوكو عمروف كانت تحضر لهجمات في سوتشي قبل الألعاب الأولمبية وخلالها. من جهته، قال وزير الداخلية الفرنسي في تصريحات لإذاعة فرنسا الدولية أن «أكثر من 130 فرنسياً أو مقيما في فرنسا موجودون حاليا في سورية»، مشيراً إلى أنه علاوة على هؤلاء «هناك حوالى 50 مقاتلاً عادوا و40 في منطقة عبور وأكثر من مئة، بحسب أجهزة استخباراتنا، قالوا إنهم يمكن أن يذهبوا إلى هناك». واعتبر أن الأمر يتعلق ب «شبان (...) مروا في الغالب بفترة انحراف (...) ومعظمهم من المتطرفين. وهذه الظاهرة تثير قلقي لأنهم يشكلون، لدى عودتهم إلى أراضينا، خطراً محتملاً»، لكنه أضاف أن «هذه الظاهرة لا تقارن بعدد الفرنسيين الذين ذهبوا إلى أفغانستان أو باكستان مثلاً». وفي لندن، أعلنت شرطة اسكوتلنديارد أن الشابين البريطانيين اللذين أوقفا في مطلع الأسبوع في ميناء دوفر وافدين من ميناء كاليه الفرنسي، يشتبه في قيامهما ب «نشاطات إرهابية في سورية»، معلنة عن توقيف شخصين إضافيين. وأوقف الرجلان البالغان من العمر 22 و29 سنة صباح الاثنين عند وصولهما إلى المرفأ البريطاني وبحوزتهما ذخائر، ثم اقتيدا إلى مركز للشرطة البريطانية للاستجواب. وفي مرحلة أولى أعلنت الشرطة الاشتباه في «ضلوعهما في إعداد وتنفيذ أعمال إرهابية» في الخارج. وأوضحت أمس أن نشاطاتهما المفترضة تجري في سورية. وراقبت الشرطة البريطانية في الأشهر الأخيرة في شكل خاص تحركات بريطانيين تشتبه بأنهم متطرفون إسلاميون ضالعون في النزاع السوري.