كما يحمل «حبل الغسيل» الملابس، فإنه يحمل أيضاً الكثير من المعاني والدلالات المختلفة التي تتداولها المجتمعات في كل مكان حول العالم، فلكل شعب «حبل» يرزح تحت ملابسه أو مقاصده.. ويحمل رسائل إلى العابرين خارج إطار المنزل. الكثير من المدن حول العالم تمنع «نشر الغسيل» في مكان ظاهر للآخرين، بيد أنها «تشوه» المنظر العام للمدينة، وهي أنظمة تتبعها معظم مدن العالم، وربما تمنع الخصوصية والتقاليد في بعض الدول مجرد وجود «بلكونات» لنشر الغسيل، ما يحول المساكن إلى مجرد «صناديق» تحبس الأنفاس، وتتم الاستعاضة عن الشمس بالأجهزة الكهربائية، وهو أمر تحتمه طبيعة بعض المناطق الباردة. في إحدى المناطق الريفية في السعودية، تتيح طبيعة المساكن الواسعة مكاناً لوجود حبل الغسيل في كل مسكن، فتلك سيدة انتهت للتو من نشر غسيلها ليأخذ نصيبه من الشمس والهواء، ويبدو غالباً منظر جميل، يحمل دلالات البساطة وهي ترفرف بفراغها الذي كان يملؤه جسد، بألوان مختلفة وأشكال عدة. ويقصد أهالي المناطق الباردة في السعودية مراكز بيع المجففات الكهربائية شتاءً، وذلك لهطول الأمطار والبرد طيلة الموسم، إذ يحول الوضع عن الاستفادة من الهواء الطلق وأشعة الشمس، في حين أصبحت الشقق السكنية تفتقر إلى «البلكونات» الخارجية فتهرع إلى البدائل الكهربائية التي عظم سوقها أخيراً. ويستخدم حبل الغسيل كاشفاً لمن في المنزل، وفي ذلك يقول المواطن سراج عبدالكريم «كنت أعرف أن صديقي في منزله عندما أشاهد حبل الغسيل يحمل الملابس، وفي أول زيارة لصديقي عرفت أن لديه عدداً من الأبناء الشبان من مراحل مختلفة، وذلك بتعرفي على ملابس الرياضة وملابس «الإسبورت» وقميص المنزل». إلا أن سميه إسماعيل تثير كلمة اعتاد عليها الكثيرون في تهديدهم للآخرين بعبارة «سوف أنشر غسيلك» أي سأبوح بكل أسرارك وأفعالك، وهي جملة ربما تستخدم في المزاح كما في الجد، وتضيف «يعتبر تنظيم الغسيل على الحبل دليلاً قاطعاً على ذوق وتنظيم سيدة المنزل، فمن حبل غسيلها يمكن أن تقرأ طريقة أفكارها». فيما ترفض أم ثامر نشر الملبوسات من القطع الصغيرة على الحبل، وذلك أمر غير لائق، خصوصاً بالنسبة إلى النساء، واعتبر أن المجففات الكهربائية تقدم البديل الأمثل لنشر أسرار المنزل، بحسب قولها. في الولاياتالمتحدة الأميركية تحركت نساء للقيام بحركة لمناصرة البيئة من أجل استعادة حق نشر الثياب المغسولة على الحبال في الهواء الطلق، وجاءت المطالبة بحق نشر الغسيل على الحبال بعد أن حظرت القوانين على المواطنين ذلك لأسباب جمالية. كما أن رئيس بلدية نيقوسيا، عاصمة قبرص، حظر على سكانها نشر غسيلهم في الهواء وفرض غرامة على المخالفين في إطار خطة لتجميل المدينة، وفرضت نيقوسيا غرامة بحدود 100 دولار على المخالف الذي ينشر ملابسه الداخلية في الهواء لترفرف بشكل غير ملائم في الشوارع الضيقة للمدينة التي ترجع إلى العصور الوسطى. وبحسب تدوينة للكاتب الفلسطيني فايز أبوشمالة على الإنترنت يروي حكاية أن أحد عملاء إسرائيل كلفته المخابرات الإسرائيلية بمراقبة أحد البيوت، وأن يقدم تقريراً يومياً عن حبل الغسيل، عمل يبدو لا علاقة له بالسياسة والعمل العسكري، فكان في كل يوم يقول للمخابرات الإسرائيلية، على حبل الغسيل ملابس امرأة، أو على حبل الغسيل ملابس أطفال، وهكذا أسابيع عدة، إلى أن جاء يوم وقال: على حبل الغسيل ملابس رجل، عندئذٍ قصفت الطائرات الإسرائيلية البيت المراقب.