كعادتهم في جلسات استماع مرتبطة بالحروب والتحركات العسكرية، شوّش أفراد من جمعية "كود بينك: نساء للسلام" على جلسة الاستماع التي أقامتها لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الثلاثاء حول العمل العسكري ضد النظام السوري بمشاركة وزيري الخارجية والدفاع الأميركيين جون كيري وتشاك هيغل. فلم يكد كيري ينهي كلمته الافتتاحية، حتى ارتفع صوت من آخر القاعة يقول: "لا نريد حرباً أخرى" ليتبيّن أنه صادر من المؤسّسة الشريكة ل"كود بينك" والناشطة ضد الحرب، ميديا بنجامين، التي كانت ترتدي قميص الجمعية الزهري اللون وتحمل بيديها لافتتين كتب على إحداها "الشعب الأميركي يقول لا للحرب" وعلى الأخرى "سورية تحتاج إلى وقف لإطلاق النار وليس إلى الحرب". وأضافت بنجامين بينما عناصر الأمن يحاولون إبعادها "إطلاق صواريخ كروز يعني حرباً أخرى"، وسُمعت تصرخ أثناء إخراجها من القاعة "بان كي مون قال لا للحرب والبابا قال لا للحرب والأميركيون لا يريدونها". ودفع هذا الاحتجاج كيري إلى الطلب من رئيس اللجنة، السيناتور الديموقراطي بوب منينديز، أن يسمح له بالرد على المتظاهرة، قائلاً: "أول مرة مثلت أمام هذه اللجنة كان عمري 27 عاماً وكانت لديّ مشاعر مشابهة لهذه المتظاهرة"، في إشارة إلى شهادته قبل 38 عاماً أمام اللجنة ذاتها بناء على دعوة من رئيسها آنذاك جاي وليام فولبرايت، والتي سأل خلالها كيري "كيف تطلب من رجل أن يكون الرجل الأخير الذي يموت بسبب خطأ؟". وأضاف كيري في جلسة الأمس "لهذا بالضبط من المهم أننا جميعاً هنا نجري هذا النقاش ونتحدث عن هذه الأمور أمام الأمة. الكونغرس نفسه سيتحرك بما يمثل الشعب الأميركي. وأعتقد أن علينا أن نحترم أصحاب الرأي المختلف ونحن نفعل ذلك". ولم تكن بنجامين المحتجّة الوحيدة في القاعة فقد جلس عدد من أفراد الجمعية في مقاعد الحضور وهم يرفعون لافتات مناهضة لمهاجمة سورية. وقبل بدء أعمال الجلسة، وقف أحد هؤلاء وصرخ: "لا يمكننا أن نتحمّل حرباً أخرى، نحن في حاجة إلى رعاية صحية وإلى التعليم في بلادنا. كيري: لا لحرب جديدة في سورية!". ولكن بعد حديث قصير مع عناصر الأمن عاد الرجل بهدوء إلى مقعده قبل أن تبدأ الجلسة. ويمكن القول إنه هؤلاء المحتجين ليسوا سوى عينة من الشعب الأميركي الذي أظهر استطلاعان جديدان للرأي أن غالبيته تعارض توجيه ضربة عسكرية إلى سورية والذي تظاهر أفراد منه في اليومين الماضيين في مدن أميركية عدة بينها العاصمة واشنطن ضد الحرب. والمفارقة في مشاركة كيري وهيغل في جلسة إقناع أعضاء لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ والرأي العام الأميركي بتوجيه صربة إلى سورية، أن الأول من معارضي حرب فيتنام بينما الثاني من المعارضين الشرسين لحرب العراق وهو الموقف الذي قرّبه من الرئيس باراك أوباما. وكان نُظر إلى ضم كيري وهيغل إلى فريق أوباما على أنه مؤشر على أن الإدارة الجديدة ترغب في التركيز على إعادة تموضعها مالياً ودولياً وأنها لا تسعى إلى قرع طبول حرب جديدة.. وهو أمر يثبت عكسه هذه الأيام.