"العلا" هذه المحافظة الجاثمة على صدر التاريخ موعودة دومًا بأن تكون قبلة لمحبي العراقة والتاريخ والأصالة، وفي ثنايا جبالها ومنازلها وإرثها الضارب عمقاً في الجمال تنثال حكايات عشق لا تنتهِ، سماها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- في أول زيارة له للعلا عندما كان أميرًا للرياض "عروس الجبال"، وعنه نقل عضو الشورى السابق د. عبدالله نصيف في كتاب له عن تاريخ العلا قوله "لو خيرت في الإقامة بمكان لاخترت الإقامة في مدينة العلا"، وهي مدينة الأربعين عيناً والتي تضم في جنباتها مدائن صالح أول موقع سعودي تضمه منظمة "اليونيسكو" إلى قائمتها للتراث العالمي، وإنشاء هيئة ملكية للعلا يؤكد أهمية تطوير المحافظة على نحو يتناسب مع قيمتها التاريخية، وما تشتمل عليه من مواقع أثرية، بما يحقق المصلحة الاقتصادية والثقافية المتوخاة، وتترقب هذه المحافظة العتيدة إكمال احتياجاتها التي تضاهي قيمتها التاريخية العميقة فالمحافظة التي كانت من أوائل محافظات المملكة التي ولجت إلى التراث العالمي ضمن لجنته التابعة لليونسكو التي اعتمدت موقع الحجر (مدائن صالح) ضمن قائمة التراث العالمي التي تضم أكثر من 851 موقعاً ثقافياً وطبيعياً ذات قيمة استثنائية للتراث الإنساني، وباتت العلا مهوى لتوافد عشاق التراث والتاريخ والعراقة والطبيعة الساحرة والهدوء، لا تزال تشرئب بأمل ضارع إلى جملة من المشاريع وحزمة من الأمنيات وبما يتواءم مع قيمتها التاريخية والاجتماعية. العلا، أرض الحضارات تفاصيلها تتجاوز حدود المُخيّلة، تجد في كل جانب أثراً وعلامة ترمز إلى عصور قديمة لم تغادر المكان لأن بصماتهم ظاهرة، تشعر بالحنين وتتأكد أن الذكريات تهمس وتحكي دون أن تتأمل وأنت تغمض عينيك، لأن في كل ما تراه هناك بُعدٌ آخر، وعليك أنت مهمة الاكتشاف، وعندما تصل إلى العلا فأنت تسافر إلى عمق الماضي، تكون بالقرب من أصوات الأجيال ومستودع الأيام، والتاريخ في محافظة العلا يكاد يروي نفسه، فهو منعكس على الكتل الصخرية برسوماته البارزة والمدهشة التي يعود تاريخها لأكثر من 2000 عام، والطبيعة تحمل الكثير من العجائب وهي مستندة على بعضها لتتشكل بطريقة إبداعية ولافتة، وفي منتصف كل هذه الصحراء واحة وينابيع تمنح الأرض مُستراحاً بارداً وأخضر، جبال متنوعة التضاريس والأشكال والألوان ورمال تحتضنها ونخل باسق رزقاً للعباد، كنز الأسرار ومسرح الحضارات القديمة وأرض النقوش وصلابة تتحدى النسيان، كل ذلك اجتمع في مدينة العلا التي تفردت بالأماكن التي تدفعك للانغماس في التفاصيل والانبهار بكل ما فيها، فبعد أن تصل إلى مشارف العلا تشعر بأن العالم قد أخذ بك إلى مكان مختلف تمامًا، فهي نافذة مفتوحة على البهجة والتذكر، في العلا مسارات متعددة وخيارات رائعة ومشوقة للزائر والسائح، فإما أن تتسلق الجبال أولاً وترتفع نحو القمة، أو أن تركب الدراجات للإبحار فوق المسطحات الصحراوية، أو أن تركض في مضمار شفاف لترى العالم من كل الزوايا، ولكل ذلك، أعلنت الهيئة السعودية للسياحة عبر منصة "روح السعودية" إطلاق برنامج صيف السعودية لهذا العام تحت شعار "صيفنا على جوك"، والعلا على رأس تلك الجهات السياحية، ويُقدَّم من خلالها ما يزيد على 500 تجربة سياحية عبر أكثر من 250 شريكًا من القطاع الخاص، وينصح الراغبين في زيارة العلا هذه الأيام بالتأكد من إحضار نظارات شمسية، وقبعة رأس، وأحذية رياضية، وواقٍ شمسي، ومرطبات، وحقيبة حمل خفيفة، والحجز المسبق لمكان الإقامة بعدد الأيام والليالي، مع الاطلاع على الفعاليات والأنشطة المختلفة، وإحضار كامل المستلزمات الضرورية والثانوية، ويمكن للزائر أن يرسم خطة متكاملة للخروج عن المألوف والاستمتاع بكل لحظة واختيار الباقة المناسبة عبر منصة "روح السعودية". وعلى تقارير سنوية للهيئة الملكية لمحافظة العلا، أصدر مجلس الشورى قرارات طالب فيها بدراسة أولويات المشروعات والمرافق التي تعتمد عليها البنية الأساسية للمحافظة وساكنيها وذلك بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، ودعاها إلى وضع جدول زمني مخطط ومدروس لأولوياتها الاستراتيجية ضمن منظومة السياحة الوطنية بتكاملها مع مشاريع المنطقة الشمالية الغربية للأعوام القادمة وتقييم ما تحقق منها ونسبة الإنجاز والعائد وفق مؤشرات قياس معتمدة في هذا الخصوص، كما طالب المجلس الهيئة حينها باستكمال إطارها النظامي ووضع الحوافز الجاذبة للمستثمرين السعوديين في المجالات السياحية في محافظة العلا واطلاعهم على الفرص المتاحة، وخيارات التمويل والدعم، وتقديم المشورة لهم وتيسير إجراءات جذب الكفاءات الوطنية المتخصصة للعمل في هذه المشاريع، وشدد المجلس على وضع الترتيبات الإدارية والاستثمارات الكافية لتحقيق تطلعات تطوير العلا بما يكفل التكامل والتنسيق ورفع كفاءة الإنفاق في كافة المناشط والفعاليات التي تتولى تنفيذها منفردة أو بالشراكة مع الجهات الأخرى سواء كانت حكومية أو أهلية أو خاصة.