على مدى ثلاثة مقالات سابقة تناولنا ما ذكره المؤرخ خير الدين الزركلي عن التوفيق الذي صاحب مسيرة مؤسس هذا الكيان الشامخ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود في بناء مشروعه الوطني. ولكن ما لم يحاول تلمسه الزركلي هو لماذا كان الملك عبدالعزيز موفقاً؟ التوفيق غالياً ما يتأتى من مشيئة إلهية وقدر إلهي، وصفات خاصة وعمل دؤوب، ولعل الله سبحانه وتعالى قد أراد بهذه الأرض المباركة مقر المسجد الحرام والمسجد النبوي ومهبط الإسلام وانطلاق الدولة السعودية المباركة عام 1139ه خيراً من خلال استعادة هذا القائد العظيم لحكم آبائه وأجداده. لقد اتصف مؤسس هذا القائد الكبير بالكثير من الصفات التي يستحيل إحصائها في ثنايا هذا المقال. كان الملك عبدالعزيز رجلاً ملتزماً مستعيناً بالله واثقاً من نصره، وقد ارتبط هذا اليقين بعزم منقطع النظير وشجاعة كبيرة جعلته يتقدم جيشه في كل معاركه، أوليس هو القائل –طيب الله ثراه-: "الحزم أبو العزم أبو الظفرات، والترك أبو الفرك أبو الحسرات"، لقد كان همه -رحمه الله- توحيد هذا الوطن المنطوي على أهم مدينتين في العالم وهما: مكةالمكرمة والمدينة المنورة. وها نحن ننعم اليوم، وينعم أبناؤنا غداً برغد العيش وكرامة الانتماء إلى وطن، وقد أكد الملك عبدالعزيز هذه الحقيقة بقوله: " أنا عربي، ومن خيار الأسر العربية، ولست متطفلاً على الرئاسة والملك، وإِن آبائي معروفون منذ القدم بالرئاسة والملك، ولست ممن يتكئ على سواعد الغير في النهوض والقيام، ما اتكالي إلا على الله، ثم على سواعدنا يتكئ الآخرون، ويستندون، إن شاء الله". ومن الطبيعي أن يكون القائد الواثق من نصر الله، المحب لشعبه، المتحلي بشجاعة كبيرة محط إعجاب رجاله الذين سيتفانون في تحقيق تطلعاته. وما أجمل أن يجتمع الإيمان القوي بالشجاعة الكبيرة مع الصبر وهو ما تحلى به الملك عبدالعزيز، لقد استثمر الملك عبدالعزيز كل هذه الصفات لهدف واحد وهو بناء وطنه وحماية مقدساته التي لا تخص هذا الوطن وسكانه فحسب بل تهم كل مسلم على وجه الأرض، كانت المواطنة الحقة إحدى الصفات التي اتصف بها المؤسس، حيث لم يُقْدم على عمل إلا وعين على الوطن وعين على المواطن. ومن هنا التف حوله شعبه في ملحمة ولاء هي الأخرى نادرة ولله الحمد، وها هي صورتها طبق الأصل تنعكس اليوم في ولاء الشعب السعودي لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-.