تنطلق اليوم الفعاليات الثقافية للسعودية (ضيف الشرف) في معرض بكين الدولي للكتاب، الدورة ال20 وسط تساؤلات ما برح المثقفون والأدباء يثيرونها مع كل مناسبة تقيمها وزارة التعليم العالي، وهذه التساؤلات لا تطاول هذه المرة أسماء المشاركين من الأكاديميين لناحية غلبتهم، فمن الأكاديميين وبخاصة الذين لهم نشاط أدبي وثقافي ملحوظ من لم تشملهم المشاركة التي تستمر خمسة أيام، إنما تطاول المحاور التي ستقدم في المناسبة الثقافية والأدبية وشملت مواضيع طبية مثل المحاضرة التي تعقد حول المستجدات الطبية أو المحاضرة التي ستكون عن الدراسات السعودية في علم الفايروسات، وهي مواضيع كما يعبّر عدد من المثقفين في مواقع التواصل الاجتماعي «خارج اهتمام معرض بكين الذي يتطلع إلى معرفة حقيقية عن ثقافة المملكة وأدبائها». إضافة إلى هذه المواضيع التي أثارت موجة من التساؤلات، علمت «الحياة» أن اللجنة الثقافية في وزارة التعليم العالي والمعنية باختيار المشاركين ودعوتهم والتنسيق معهم، دعت أدباء ومثقفين للمشاركة وطلبت منهم إعداد أوراق ودراسات لتقدم في البرنامج الثقافي، ثم قبل أيام من انطلاق المناسبة تم الاتصال بهم وإخبارهم بأنهم في الاحتياط، ولم يتم إقرار مشاركتهم كمشاركين أساسين، «كما لو أن الأمر تحول إلى مشاركة رياضية في المنتخب السعودي لاعبين أساسين يخوضون غمار المباراة وآخرين احتياط، قد تتاح لهم فرصة اللعب وقد لا تتاح»، بحسب ما علق أحد الأدباء في نبرة استهجان لمثل هذا السلوك، «الذي لا يراعي مكانة المثقفين الذين كانوا مدعوين، ولا يدرك أهميتهم في المشهد الثقافي. وهو تعامل موظفين لا أكثر، على رغم أن أعضاء هذه اللجنة بعضهم محسوب على الشعر والثقافة، لكنهم يتحولون إلى مجرد موظفين». كما علمت «الحياة» أن وزارة التعليم العالي لم ترد على الطلب الصيني بترشيح مثقف سعودي له جهود مرموقة في الأدب والثقافة لتكريمه في المعرض، وحرم عدم الرد على الطلب الصيني المملكة من التكريم، فالصين دأبت على تكريم مثقف بارز من البلد الذي يكون ضيف شرف على معرض بكين. ورأى مثقفون في هذا السلوك، «تجاهلاً متعمداً ربما يقصد منه أن يؤول التكريم إلى أحد أعضاء اللجنة الثقافية أو إلى المثقفين المحسوبين على وزارة التعليم العالي، لكن في كل الأحوال كان يفترض من الوزارة الرد». ومن المشاركين من الأدباء والمثقفين في الفعاليات الدكتور مبارك الخالدي والدكتور حسن النعمي والدكتورة أشجان هندي والشاعر محمد إبراهيم يعقوب والروائي عبدالحفيظ الشمري والدكتور عبدالله الوشمي والدكتورة دلال الحربي والدكتور أحمد العدواني والدكتورة هيفاء الفريح والدكتورة وفاء التويجري. معايير للمشاركة قال أحد أعضاء لجنة الشؤون الثقافية في وزارة التعليم العالي الدكتور نايف رشدان العتيق ل«الحياة»: إن هناك «معايير خاصة لاختيار الأسماء التي تمثل المملكة في النشاط الثقافي الخارجي. فقد رأت لجنة النشاط الثقافي الخارجي في الوزارة وضع معايير تكفل النجاح للمشاركة الفاعلة وتقدم النشاط العلمي في شكل عام بصورة مميزة»، مشيراً إلى أنه من «حق الأسماء الأكاديمية المميزة التي لم تشارك أن يكون لها حضورها بعناية. وسعت اللجنة بتوجيه من الوزير وجهود ناجحة من رئيس اللجنة إتاحة الفرص أمام كل الأكاديميين لتمثيل الوطن سواسية من دون تمايز أو اختلاف، بل حتى متوزعة على الجامعات وأكثر من ذلك إتاحة الفرصة للأدباء والعلماء والمبدعين السعوديين من خارج الوزارة للمشاركة، والذي يتحكم في الاختيار هو الموضوع المطروح من جهة وإعطاء الفرص للمميزين الذين لم يشاركوا، ويمكن الاستثناء والاضطرار في المجال الإبداعي لبعض المشاركين، لأن الأسماء الإبداعية لدينا لا بد أن تتكرر». وبيّن أن المواضيع الطبية والعلمية «من صميم العمل للنشاط الثقافي، لأنه ضمن المفهوم العام للثقافة والنشاط العلمي للجامعات». وكان نائب رئيس مجلس الدولة في الصين ليو دونج يان افتتح مساء أمس بقصر الشعب في بكين معرض بكين الدولي للكتاب في دورته ال20، والذي تشارك فيه المملكة بوصفها ضيف الشرف كأول دولة عربية وإسلامية تحظى بهذه الصفة. وألقى مدير الهيئة العامة للصحافة والنشر والإذاعة والتلفزيون الصيني - الجهة المشرفة على المعرض - كلمة رحّب فيها بوزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري والوفد السعودي المشارك، كما شكر المملكة على المشاركة في هذه التظاهرة الدولية. ثم ألقى الدكتور خالد بن محمد العنقري كلمة شكر فيها الهيئة المنظمة لمعرض بكين الدولي للكتاب على اختيارها السعودية لتكون ضيف شرف للمعرض لهذا العام، مشيراً إلى أن ذلك «يمثل دلالة صدق واقعية على عمق العلاقات بين البلدين الصديقين». وأكد الدكتور العنقري أن معارض الكتب الدولية «تعد إحدى أهم وسائل التواصل الحضاري والثقافي والعلمي بين الأمم والشعوب، وذلك لما يمثله الكتاب من قيمة علمية وثقافية»، مبيناً أن السعودية «تحرص على المشاركة في نحو 30 معرضاً من المعارض الدولية للكتاب»، مشيراً إلى أن وزارة التعليم العالي «تسعى بوصفها الجهة التي عهد إليها بالإشراف على هذه المشاركات إلى إبراز جوانب المشهد الثقافي المميز والمضيء الذي تتسم به المملكة بين أقرانها في عالمنا العربي والإسلامي». وقال إن المملكة تشارك في معرض بكين الدولي بعدد من الكتب العلمية والثقافية والتاريخية والروايات والقصص الأدبية «التي تجسد المخزون الأدبي والثقافي في السعودية، كما تم ترجمة أكثر من 50 كتاباً وقصة ورواية لأدباء سعوديين من اللغة العربية إلى اللغة الصينية لمشاركة أكثر تقارباً في هذه المناسبة، إضافة إلى برنامج ثقافي متنوع يشارك فيه عدد كبير من أدباء ومثقفين سعوديين». وأوضح وزير التعليم العالي أن حكومة المملكة «التي تتمسك بالقيم الإسلامية الأصيلة الداعية للمحبة والخير والسلام بين البشر في ظل العولمة والانفتاح العالمي وذلك بمحاربة سبل العدوان والإرهاب والتعصب، سعت في الأعوام الماضية تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بكل إخلاص في بناء وترسيخ ودعم الحوار بين الثقافات والأديان والحضارات»، مشيداً بحضارة الصين التي تحتضن حوالى 20 في المئة من سكان العالم، مؤكداً أنها بلد عريق يفخر بثقافات أثرت حضارات العالم على مر العصور.