بعلو يزيد على 2000 متر عن سطح البحر، تمثل مدينة أبها السعودية وجهة إعداد رياضي بارزة سواء للأندية المحلية أم العربية، فالأجواء المناسبة وانخفاض درجات الحرارة تعزز من فرص المدربين لتجهيز لاعبيهم، ورفع معدلهم اللياقي. لكن وعلى رغم قصر مدة الإعداد هذا الموسم وانطلاقها في شهر رمضان إلا أن معظم الأندية السعودية فضلت التوجه إلى دول أوروبية أو أخرى عربية على أبها، فباستثناء الأهلي والنهضة اللذين أقاما معسكراً قصيراً غابت الأندية كافة عن المدينة الجبلية السعودية. تقل نسبة الأوكسجين في المدن المرتفعة عن سطح البحر، خصوصاً تلك التي يزيد علوها عن ألف متر، ما يعني أن قدرة اللاعبين في المناطق المرتفعة على اكتساب معدل لياقي عالٍ تأتي سريعة مقارنة بغيرهم ممن يختارون مناطق أقرب إلى سطح البحر، هذا العامل يمنح أبها قيمة إضافية من الصعب الحصول عليها في معسكرات مختلفة حول العالم. الحكام السعوديون على سبيل المثال الذين يشاركون في معسكر إعدادي هذا الموسم اختاروا إحدى المدن التركية الجبلية للعمل على رفع المعدل اللياقي، كذلك فعل الهلال الذي اختار مدربه سامي الجابر مدينة تعلو عن سطح البحر ألف متر تقريباً في النمسا بغية إعداد لاعبيه. المصروفات العالية إضافة إلى المسافات البعيدة، من دون تغافل فارق العادات والتقاليد التي تصعب فريضة الصيام مثلاً، كلها عوامل سلبية تصعب مهمة الأندية في المعسكرات الأوروبية، لكنها تفضل كل ذلك على أبها. كل تلك العوامل تدفع إلى طرح سؤال مهم حول أسباب تجاهل الأندية لأبها، التجارب السابقة التي عاشتها أندية محلية، طرحت جزءاً من الإجابات فنادي الشباب الذي اختار المدينة الجنوبية لسنتين متتاليتين وجهة لمعسكره الإعدادي، اشتكى لاعبوه من قلة جاهزية الفنادق التي استضافتهم، ما أفقدهم فرصة الحصول على الراحة المطلوبة بعد التدريبات، لاعبون من أندية أخرى أكدوا أن تلك الفنادق أيضاً تفتقر أحياناً إلى الخصوصية التي يحتاجها اللاعبون، وأن اللقاءات الدائمة بالجماهير السعودية أو حتى تجاوز بعضهم أحياناً للأعراف الفندقية بالتوجه مباشرة نحو غرف اللاعبين، تشكل عاملاً سلبياً بارزاً. واليوم خسرت أبها جزءاً كبيراً من علاقتها بالأندية السعودية، بعد أن غابت حتى عن البطولات الودية في مراحل الإعداد بعد أن نظمت بطولة أبها الودية الدولية لما يزيد على خمسة مواسم، وفي المقابل حضرت العاصمة الإماراتية أبوظبي التي احتضنت الأندية السعودية هذا العام عبر أربع بطولات مختلفة شاركت خمسة فرق، تمثل الخمسة الأوائل في ترتيب الدوري السعودي هي الفتح والهلال والشباب والنصر والأهلي، إضافة إلى التعاون الذي ينوي إقامة معسكر هناك خلال الأيام المقبلة. وفي شكل عام تفتقر أبوظبي إلى الأجواء المناسبة للتأهيل والإعداد إذ يعاب عليها كما هو الحال في معظم العواصم الخليجية ارتفاع درجات الحرارة، إضافة إلى الرطوبة العالية التي تشكل ظاهرة خطرة على اللاعبين، نظير ما يفقدونه من سوائل خلال التدريبات اليومية أو حتى المباريات الودية، ما يتركهم عرضة للإصابات العضلية الناتجة عن قلة السوائل في الجسم. وفي الجانب المقابل، تمتاز العاصمة الإماراتية بالمنشآت الرياضية، إضافة إلى الخدمات الفندقية المميزة والقدرة المادية العالية لأنديتها التي تنظم البطولات وتستضيف الأندية وتقدم الجوائز من موازناتها الخاصة، كل تلك العوامل تدعم رغبة الأندية في هجر المعسكرات المحلية والمشاركة في تلك البطولات.