يخطط الأردن لرفع تعرفة الكهرباء الشهر المقبل بعد أن ضاعف الضرائب على الهواتف المحمولة بهدف التخفيف من عجز موازنته، على رغم تحذيرات الخبراء من أن هذه الإجراءات ستثير غضباً شعبياً عارماً. وتحاول المملكة التي تعاني شح الموارد الطبيعية وديْناً عاماً تجاوز 23 بليون دولار، تقليص عجز موازنة العام الحالي والذي يقدر ببليوني دولار، وأن تعالج في الوقت ذاته ما ترتب على الانقطاع المتكرر لإمدادات الغاز المصري. ويقول مسؤولون في قطاع الطاقة إن تكرار تفجير الخط الذي يزود المملكة بالغاز المصري وكانت عمان تعتمد عليه في إنتاج 80 في المئة من طاقتها الكهربائية، يكبد الأردن مليون دولار يومياً على الأقل. لذلك، تعتزم الحكومة رفع أسعار الكهرباء بنسب تصل إلى 15 في المئة بعد أن رفعت قيمة الضرائب على أجهزة الهواتف المحمولة بنسبة 16 في المئة وعلى خدماتها 24 في المئة، لتخفيف عجز موازنتها البالغة هذه السنة حوالى 10,5 بليون دولار. ويقول المحلل الاقتصادي يوسف منصور في تصريح إلى وكالة «فرانس برس»، إن «هذه الإجراءات خاطئة كلياً وغير محسوبة وتعني عدم وجود فهم شامل لدى الحكومة للوضع الاقتصادي». ويضيف منصور الرئيس التنفيذي لمجموعة «إنفيجين» الاستشارية «عند رفع الأسعار والضرائب يقلل المواطن استهلاكه وإنتاجه وفي الحالتين تنخفض إيرادات الحكومة». وقدر نسبة التضخم للعام الحالي بحوالى 7 في المئة مع معدل نمو اقتصادي يبلغ 2,6 في المئة، فيما تشير الإحصاءات الحكومية إلى أن نسبة التضخم بلغت 6,5 في المئة والنمو الاقتصادي 3,5. وقال منصور «كلما ارتفعت الضرائب والرسوم رأى الموظفون الحكوميون أن دخلهم يتآكل وبالتالي سيتوجهون للإضرابات وستضطر الحكومة للاقتراض أكثر أو فرض ضرائب أكبر لدفع رواتب أكبر وهكذا ندخل في دوامة شرسة». واعتبر أن «السياسات الاقتصادية الحكومية منذ ثلاث سنوات على الأقل فاشلة ونرى الدَين في ارتفاع مستمر وكذلك عجز الموازنة. أتوقع ركوداً اقتصادياً قاسياً جداً في المرحلة المقبلة». يذكر أن احتجاجات واسعة اندلعت في الأردن منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 بعد رفع أسعار المشتقات النفطية بنسب تراوحت بين 10 و53 في المئة لمواجهة عجز الموازنة الذي قُدر حينها ب7,7 بليون دولار، في بلد يستورد معظم حاجاته النفطية ويعتمد اقتصاده على المساعدات الخارجية. أما الوزير السابق جواد العناني رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي الأردني فقال «عندما تزيد الحكومة الضرائب والأسعار، يتساءل المواطن: أدفع كل هذه الضرائب مقابل ماذا؟ ويشكو من ضعف الخدمات الحكومية». وأضاف «الأردن يستطيع لو ضبط إنفاقه، أن يحقق التنمية»، مشيراً إلى ضرورة «تخفيف الدعم الحكومي للسلع وتوجيهه إلى الفئات التي تحتاجه». وتوقع أن يصل معدل التضخم إلى 8,2 في المئة بحلول نهاية السنة. ورأى أن «هذا معدل مرتفع، على الحكومة أن تواجه المواطن بالحقائق وأن تضع خطة واضحة وسياسات واضحة لمعالجة المشكلات الأساسية وهي الطاقة والمياه والاستثمار والفقر والبطالة»، محذراً من أن «المواطنين الذين يتقاضون رواتب متدنية سيقومون بمزيد من الاحتجاجات». ورسمياً يبلغ معدل البطالة حوالى 14 في المئة في المملكة التي بلغ تعداد سكانها 6,8 مليون، فيما تشير تقديرات غير رسمية إلى أن معدل البطالة يتراوح بين 22 و30 في المئة في بلد يبلغ فيه الحد الأدنى للأجور 211 دولاراً شهرياً. ويستضيف الأردن 550 ألف لاجئ سوري منذ بدء الأزمة في بلدهم في آذار (مارس) 2011. واشتكت عمّان مراراً من أن تدفق هذا العدد الكبير منهم إلى المملكة استنزف مواردها الشحيحة مثل المياه والطاقة وأدى إلى مشكلات اجتماعية. وقرر صندوق النقد الدولي في نيسان (أبريل) الماضي، منح قرض قيمته 385 مليون دولار للأردن في إطار خطة مساعدة قيمتها بليونا دولار للمملكة لمواجهة «الصدمات الخارجية» ومنها تدفق اللاجئين السوريين.