عمان - يو بي آي - عانى الاقتصاد الأردني خلال عام 2010 من ظروف صعبة تبدّت في عجز الموازنة وزيادة حجم الدين العام، ما أثّر بشكل مباشر على نشاط قطاعات اقتصادية كثيرة، كانت تعاني أصلاً من الركود نتيجة تداعيات الأزمة المالية العالمية. ورأى مراقبون أن الاقتصاد الأردني يواجه تحديين كبيرين، هما أولاً، عجز الموازنة العامة، الذي يتوقع أن يتجاوز بليون دولار نهاية العام الحالي، على رغم الإجراءات الحكومية التي ساهمت بخفضه بنسبة 39 في المئة في نهاية الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي. وثانياً، بحجم الدين الكبير الذي بلغ نحو 14 بليون دولار، متجاوزاً الحد المسموح به في قانون الدين، وهو 60 في المئة من الناتج المحلي. بالإضافة إلى هذين التحديين، شكل تباطؤ النمو مشكلة أخرى أضيفت إلى التحديات التي يواجهها الاقتصاد الأردني. وقال الخبير الاقتصادي جواد العناني، إن نجاح الحكومة في تحديد العجز وضبطه هذا العام، انطوى على كلفة عالية على كثير من فئات الشعب، التي دفعت ضرائب ورسوماً وغرامات إضافية، بموجب تعديلات موقتة على القوانين، أو بسبب زيادة الرسوم أو تخفيف الدعم. وأوضح ل «يونايتد برس إنترناشونال»، أن «هذا التحسن كان كذلك على حساب التوظيف، وتشغيل المقاولين والتجار، وعلى حساب قطاع العقارات والإنشاءات والصناعة والتجارة». وأشار العناني إلى أن العجز لا يمكن حلّه إذا بقي الإنفاق الجاري على ما هو عليه من رواتب وتقاعد، متسائلاً «هل سنتبنى سياسات إدارة الموارد الإنسانية للدولة بقطاعاتها العامة والخاصة والمدنية بكفاءة أعلى للاستفادة المثلى من الرصيد الإنساني الذي نتمتع به، بدلاً من توظيف هذا العدد الكبير في الدوائر الرسمية بكلفة عالية وإنتاجية متدنية، مقابل مستوى معيشي محدود للموظف؟». واستغرب كيف يمكن إنعاش الاقتصاد «إذا بقي الهمّ هو خفض العجز على حساب المشاريع التنموية والرأسمالية»، متسائلاً انه «إذا كانت الحكومة لا تستثمر في البنى التحتية، فكيف نتوقع أن يقوم المستثمرون المحليون والعرب والأجانب بالاستثمار محلياً».؟ ورأت رئيسة الدائرة الاقتصادية في صحيفة «الغد» جمانة غنيمات أن أبرز التحديات التي واجهها الاقتصاد خلال العام الحالي، تمثلت بعجز الموازنة العامة للدولة، وارتفاع حجم الدين إضافة إلى تباطؤ النمو. وقالت ل «يونايتد برس إنترناشونال» إن «الحكومة لجأت إلى الحلول السهلة لمعالجة العجز غير المسبوق في الموازنة، عبر فرض ضرائب جديدة على بعض السلع والخدمات، وزيادة الرسوم الجمركية على بعضها الآخر، وإعادة فرض رسوم على سلع كانت معفاة». واعتبرت غنيمات أن هذه الحلول الموقتة وفّرت على الخزينة نحو 200 مليون دولار، مؤكدة أن الحلول الصعبة التي تجنبتها الحكومة لمعالجة عجز الموازنة، هي الأكثر أثراً في معالجة هذه المشكلة، ومنها زيادة التحصيل الضريبي، وتحصيل أموال الدولة المستحقة على بعض المتنفذين. وتعتقد غنيمات أن خفض النفقات الحكومية، ومنها خفض رواتب الوزراء، لن يسهما بحل جذري لمشكلة عجز الموازنة، داعيةً الحكومة للسير في الإجراءات الصعبة لمعالجتها. وأقرت الحكومة بداية كانون الأول (ديسمبر) الحالي موازنة عام 2011 البالغة نحو 8 بلايين دولار، وقال وزير المال محمد أبو حمور إنها ستركز على خفض العجز، والاعتماد على الذات. ويتوقّع أن يبلغ عجز الموازنة للعام 2011 نحو 1.49 بليون دولار، أي ما نسبته 5 في المئة من الناتج المحلي مقابل 8.5 في المئة لعام 2009 و5.3 في المئة عام 2010. وتوقع أبو حمور استمرار انخفاض معدل العجز إلى 4 في المئة عام 2012 و3 في المئة من الناتج المحلي عام 2013. وعلى رغم تباطؤ النمو خلال العام الحالي، حيث بلغت نسبته من الناتج المحلي للنصف الأول منه 2.9 في المئة ، إلاّ أن بعض القطاعات الاقتصادية شهدت انتعاشاً، لاسيما قطاع العقارات، الذي زاد حجم التداول فيه عن 6 بلايين دولار. كما تجاوزت قيمة تحويلات الأردنيين العاملين في الخارج ال 3 بلايين دولار في الشهور العشرة الأولى من العام الحالي، علماً أنها تراجعت العام الماضي نتيجة تداعيات الأزمة المالية العالمية، التي أثرت بشكل كبير على دول الخليج العربي، حيث تتواجد معظم العمالة الأردنية. وارتفع الدخل السياحي في 10 شهور إلى 3.5 بليون دولار. وساهمت الأموال المتدفقة من قطاع السياحة وتحويلات العاملين في الخارج برفع احتياط البنك المركزي من العملات الأجنبية إلى مستوى غير مسبوق، إذ تجاوزت 11 بليون دولار في نهاية تشرين أول (أكتوبر) الماضي. وزاد حجم الصادرات بنسبة 17 في المئة خلال 9 أشهر. ولا يزال الأردن يواجه مشكلة في جذب الاستثمارات الخارجية التي تراجعت خلال العامين الماضيين. وذكرت بيانات المركزي أن صافي الاستثمار الأجنبي خلال النصف الأول من العام الحالي تراجع من 1.5 بليون دولار خلال النصف الأول من العام الماضي إلى 903 ملايين دولار. يشار إلى أن الاستثمار الأجنبي عام 2009 تراجع بنسبة 17 في المئة، مقارنة بالعام الذي سبقه، وبلغت قيمة صافي الاستثمار المباشر منه 2.3 بليون دولار مقارنة ب 2.83 بليون دولار في عام 2008. ورأى العناني أن عام 2011 ينطوي على تحدٍ اقتصادي كبير سيختبر القدرة على مواجهة التحديات، وأبرزها إعادة تحريك عجلة النمو في قطاعات اقتصادية عديدة، واحتواء البطالة الآخذة بالتزايد. إلاّ أن غنيمات ترى أن الحكومة ستلجأ خلال الشهور المقبلة لاتخاذ سلسلة من الإجراءات الاقتصادية الصعبة، منها فرض ضرائب جديدة، ورفع الدعم عن بعض السلع لمواجهة استمرار عجز الموازنة.