«رامز عنخ آمون». بهذا العنوان الفرعوني، ذي الايقاع الثقيل، يصطاد الفنان المصري رامز جلال ضيوفه من الفنانين والمطربين كي يصحبهم، نحو نصف ساعة، في رحلة مرعبة بين مومياءات ومقابر الفراعنة، «بهدف تنشيط السياحة المصرية»، كما يبرر لهم في مستهل البرنامج الذي يعرض على قناة «الحياة». الاصطياد، هنا، مفردة دقيقة تعبّرعن طبيعة البرنامج التي تعتمد على الخديعة والمكر والدهاء إلى أن يتورط الضيف في اللعبة، ويجد نفسه في مقبرة معتمة تحت الأرض تتخبط فيها الخفافيش، وتتدلى الأفعى من الجدران، بينما تتحرك إحدى المومياءات باتجاه الضيف الذي «يرغي ويزبد» من شدة الخوف والهلع. مهلاً، البرنامج لا يتكئ على الكاميرا الخفية التي تسعى الى توريط المشاركين في مواقف خفيفة طريفة ومضحكة. هنا الأمر مختلف تماماً، فثمة كاميرات وصحافيون وباحثون في الآثار استقبلوا الضيف الضحية، وتواطأوا حتى أوصلوه الى الفخ، ثم انسحبوا وتركوه يعاني ويصرخ. لكن «لا حياة لمن تنادي». شتائم مقذعة وكلمات بذيئة وتصرفات هيستيرية تختلط بالبسلمة والحوقلة والاستعاذة. المخدوع محق في ذلك تماماً، مثلما هو محق في توجيه اللكمات والضربات العشوائية إلى المخادع رامز جلال عندما تضاء الأنوار. تكاد ردود الأفعال تتشابه من هيفاء وهبي إلى وفاء عامر إلى أحمد بدير إلى محمد هنيدي وغيرهم ممن اختبروا هذا الامتحان المخيف، باستثناء فاروق الفيشاوي الذي حافظ على رباطة جأشه، وبقي متماسكاً «كأنه في جفن الردى وهو نائم». لا بد من الإشارة إلى أن البرنامج ينطوي على جرعة عالية من الإثارة والتشويق، فالمشاهد يحبس أنفاسه في انتظار ساعة الصفر، فما بالك بمن يعيش المحنة. لكن هذا الجو الغرائبي المرعب، الذي يصنعه البرنامج المعتمد على الإيقاعات السريعة واللقطات القصيرة وتعليقات جلال الطريفة، لا يستطيع أن يبدد التعاطف مع الضيوف، والحنق من فريق البرنامج، خصوصاً إذا كانت الضحية ضيفاً كالفنانة نيللي كريم التي رفضت النزول إلى المقبرة، وكانت مرتبكة وحذرة جداً في الرضوخ لترتيبات البرنامج، بيد إن اصرار من حولها أوقعها في الشباك، أخيراً. ثمة برامج يتعرض فيها المشاركون للمخاطر. لكنهم يعلمون هذه المخاطر سلفاً وهم يختارون المشاركة بمحض إرادتهم، وثمة كذلك مواقف مسلية وطريفة تحدث على غفلة، فيما الكاميرا مخفية في مكان ما، إلا أن هذا البرنامج يعتمد، بالدرجة الأساسية، على تضليل الضيف والايقاع به، وهو لا يأبه بمشاعر المشاركين، ذلك أن غاية البرنامج إنما هي إيصال الضيف إلى أقصى درجات الخوف، وهو، حقاً، ينجح في هذا المسعى. بيد أن هذا النجاح ليس شطارة، ولا تفوقاً بقدر ما هو استغلال معلن ومنظم لوقار الضيف الذي لا يجد أمامه، بعدما عاش التجربة المريرة، إلا أن يتصالح، على مضض، مع رامز جلال، ولعله يقول في قرارة نفسه انه سيرد له الصاع صاعين ذات يوم.