أعفى العاهل المغربي الملك محمد السادس الوزراء الخمسة التابعين لحزب الإستقلال، ثاني أكبر حزب في الائتلاف الحكومي، الذين قدموا استقالاتهم إلى رئيس الحكومة عبدالإله بن كيران. وأعلن بيان البلاط الملكي أن العاهل المغربي قبل الاستقالات وطلب إلى الوزراء المستقيلين الاستمرار في تصريف الأعمال إلى حين تعيين وزراء جدد «وتمكين رئيس الحكومة من بدء مشاوراته بهدف تشكيل غالبية جديدة». وأشار مراقبون إلى أن الملك محمد السادس نأى بنفسه عن مشاورات اختيار الوزراء الجدد، تاركاً لرئيس الحكومة ممارسة صلاحياته الدستورية والسياسية، في حين تحدث بيان البلاط الملكي عن تشكيل غالبية جديدة، من دون تحديد عناصرها أو الحزب الذي قد يعوض انسحاب «الاستقلال». وأظهر بن كيران خلال الاستشارات التي أجراها حتى الساعة، انفتاحاً على كل الأحزاب الممثلة في البرلمان، باستثناء «الإستقلال» الذي علل انسحابه بالاحتجاج على «خلافات منهجية وموضوعية» حول أداء الحكومة. وكشفت مصادر حزبية أن جولة المشاورات التي بدأها بن كيران ليلة أول من أمس، مع زعيم «التجمع الوطني للأحرار» صلاح الدين مزوار، وزير المال السابق في حكومة عباس الفاسي، عرضت إلى خلفيات الأزمة الحكومية، إذ رغب «الأحرار» بالإحاطة بأسباب فشل الائتلاف الحكومي السابق قبل اتخاذ موقف نهائي حيال ظروف مشاركته «درءاً لتكرار الممارسات نفسها»، وفق ما صرّح مصدر حزبي. من جهة أخرى، أكد رئيس الحكومة المغربية أن لا مشكلة بينه وبين وزراء «الاستقلال»، إلا أن الخلافات برزت على إثر تولي حميد شباط منصب الأمين العام للحزب والبدء بممارسة مزيد من الضغوط على الحكومة. ويتهم شباط رئيس الحكومة بن كيران بفرض «هيمنة» تيار حزبه «العدالة والتنمية» على إبقاء شركائه في الائتلاف. إلى ذلك، امتدت الخلافات الحكومية لتشمل رئيس مجلس النواب كريم غلاب المنتمي إلى «الاستقلال»، بعدما طالبه نواب من الحزب الحاكم (العدالة والتنمية) بتقديم استقالته كونه وصل إلى منصبه في إطار توافق حزبي شمل تشكيل الحكومة. وأفادت مصادر «تجمع الأحرار» بأنه على رغم تفويض قيادة الحزب صلاحيات التفاوض إلى رئيسه مزوار، فإن الأخير سيكون مضطراً للحصول على دعم كتلة حزبه في البرلمان والمجلس الوطني لأي قرار سيتخذه، في حين سيُطلع بن كيران شريكيه في الحكومة، زعيم «الحركة الشعبية» محند العنصر والأمين العام ل «التقدم والاشتراكية» نبيل بن عبدالله، بنتائج المشاورات التي لا تزال في بدايتها. وكان مقرراً أن يلتقي بن كيران رئيس حزب «الأصالة والمعاصرة» مصطفى الباكوري الذي سبق له أن أبدى موقفاً رافضاً للمشاركة في الحكومة، لكن مسؤولي «العدالة والتنمية» أكدوا أن المشاورات مفتوحة ولا يمكن استثناء أي طرف. وسينتقل رئيس الحكومة المغربية بعد ذلك إلى التشاور مع الكاتب الأول ل «الاتحاد الاشتراكي» إدريس لشكر، في لقاءٍ لن يزيد - وفق أكثر من مراقب - عن الطابع الشكلي، طالما أن الاشتراكيين يصرون على التزام صف المعارضة، بخاصة في ظل انضمام «الاستقلال» إلى الجبهة المناوئة للحكومة. وستنتهي المشاورات بالاجتماع إلى رئيس «الاتحاد الدستوري» محمد أبيض، للبحث في إمكان انضمامه إلى الإئتلاف الحكومي الجديد. وترجح كل الفرضيات إمكان انضمام «تجمع الأحرار» إلى الائتلاف الجديد، إذ أن كتلته البرلمانية تتخطى الخمسين نائباً، وحلّ في المرتبة الثالثة من حيث عدد المقاعد بعد «الإستقلال» المنسحب، ما يساهم في تشكيل غالبية جديدة. في المقابل، تميل المعارضة إلى جمع كل من «الاتحاد الاشتراكي» و «الاستقلال» مع احتمال انضمام «الأصالة والمعاصرة» في جبهة موحدة مناهضة للائتلاف الحكومي الجديد. وكان قياديون في حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، أكدوا أن لا وجود لأي خطوط حمراء في الانفتاح على أي حزب سياسي معارض، في تطوّر عن موقفهم السابق القائل إن «لا مكان لتجمع الأحرار وحزب الأصالة والمعاصرة في أجندتهم». إلا أنه يبدو أن التطورات السياسية الأخيرة حتّمت هذا الانفتاح طالما أنه لا يوجد مخرج آخر غير السعي إلى تشكيل غالبية جديدة أو الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة، وهو خيار يستبعده مراقبون لأسباب موضوعية، ليس أقلها أن البلاد لم تشرع بعد في إقرار أجندة الانتخابات البلدية التي آن أوانها. على صعيد آخر (أ ف ب) أعلن البلاط الملكي أن الرئيس السنغالي ماكي شال سيبدأ الخميس زيارة رسمية للمغرب تستمر حتى السبت. وتأتي زيارته بعد أربعة أشهر على الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس الى العاصمة السنغالية دكار. وتتميز العلاقات بين البلدين بمتانتها.