أعربت قيادة حزب «العدالة والتنمية» الذي يتزعمه رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران عن أسفها إزاء قرار حزب «الاستقلال» الانسحاب من الحكومة، وأكدت احترامها هذا الاختيار، لكنها حملت المسؤولية في انفراط عقد التفاهم بين الحكومة والحزب المنسحب إلى زعيمه حميد شباط، الذي «قوض إمكانات العمل المشترك» على خلفية اتفاق جرى قبل صدور قرار الانسحاب. في مقابل ذلك، أشادت الأمانة العامة لحزب «العدالة» الإسلامي بمواقف الشريكين في الحكومة «الحركة الشعبية» و «التقدم والاشتراكية»، ولم تستثن وزراء «الاستقلال» من ذلك. ودعت رئيس الحكومة إلى البدء في إجراء مشاورات مع باقي الفاعليات الحزبية لتشكيل غالبية نيابية جديدة. في غضون ذلك لفتت المصادر إلى تصريح صدر عن نائب الأمين العام ل «العدالة والتنمية» سليمان العمراني لم يستبعد فيه إمكان التحالف مع أي حزب، بما في ذلك «الأصالة والمعاصرة» الذي كان يصنفه الحزب الإسلامي خطاً أحمر. ورجحت المصادر أن يبدأ رئيس الحكومة مشاوراته بعد صدور قرار ملكي بإعفاء وزراء «الاستقلال» المنسحبين من الحكومة، كون الدستور الجديد ينص على ذلك. ولم يترك «العدالة والتنمية» الفرصة لظهور أزمة حكومية، خصوصاً على صعيد العلاقة مع البرلمان، إذ كان في وسع نواب الكتلة الاستقلالية معارضة أي مشروع قانون. ورهن استمرار حكومته بإجراءات مشاورات يرجح أن تنتهي باتفاق بين عبد الاله بن كيران ورئيس «تجمع الأحرار» وزير المال السابق صلاح الدين مزوار، في حال عدم حدوث مفاجآت اللحظة الأخيرة. وقال مزوار الذي كان موضع انتقاد شديد من طرف صقور «العدالة والتنمية» في مجلس النواب، إنه يرفض أن يتم التعامل مع حزبه «من منظور اشتراطي ضيق وتحديد تعسفي لمكانته ووزنه السياسي». ونقل عن مزوار قوله لمنتسبين إلى حزب «الأحرار»، إن مشاوراته مع رئيس الحكومة ستبحث في دقة المرحلة والإشكالات التي أوصلت الحكومة إلى المأزق الحالي، مضيفاً أن الحزب «ووعياً منه بدقة المرحلة التي تجتازها البلاد وحجم المسؤولية الكبرى الملقاة على عاتق الجميع، حكومة وطبقة سياسية، سيتعامل مع أي مشاورات بدرس اختلالات العمل الحكومي». وفي سياق متصل أعلن «الأصالة و المعاصرة» الذي شكله الوزير السابق المنتدب في الداخلية فؤاد عالي الهمة ودخل في صراع عنيف مع «العدالة والتنمية»، أنه يرحب بالدعوة لإجراء انتخابات اشتراعية مبكرة، والتقى في ذلك مع بعض قياديي الحزب الإسلامي، الذين يرون أن العودة إلى صناديق الاقتراع أفضل من أي تحالفات اضطرارية، فيما يرى معارضو هذا التوجه أن نتائج الاقتراع قد لا تكون مغايرة كثيراً عن المشهد الحزبي الراهن، وبالتالي فإن المشاورات ستتم مع نفس الفعاليات الحزبية باستثناء «الاستقلال». إلى ذلك، تعقد قيادتا «الاستقلال» و «الاتحاد الاشتراكي» اجتماعاً مشتركاً الإثنين، هو الأول من نوعه منذ استقالة وزراء «الاستقلال» من الحكومة وإعلان الأمين العام حميد شباط انضمام حزبه إلى المعارضة. وسبق لزعيمي الحزب أن عقدا سلسلة مشاورات. ويرصد المراقبون ما سينتج عن الاجتماع، إن لناحية معاودة عقارب الساعة إلى التحالف الذي كان قائماً بين الحزبين أو تكثيف خطوات التنسيق في المواقف السياسية. وأفادت مصادر حزبية أن هناك اتجاهاً لإحياء التحالف بين الحزبين الرئيسيين، على أن تنضم إليه فاعليات يسارية ووسطية، لتشكيل قطب مناهض للتوجهات الحكومية. ووصف إدريس لشكر الكاتب الأول ل «الاتحاد الاشتراكي»، الائتلافَ الحكومي بأنه ذو نزعة محافظة، وسارع إلى دمج تيارات انشقت عن حزبه بهدف تشكيل جبهة يسارية. ولاحظت المصادر أن الاستقلال والاتحاد الاشتراكي يحظيان بدعم المركزيات النقابية الأكثر نفوذاً بين التنظيمات النقابية، ما يدفع إلى الاعتقاد بأن المواجهة بين الحكومة والمعارضة ستدخل منعطفاً جديداً.