تبددت فكرة تنظيم انتخابات مبكرة لتجاوز مأزق الحكومة المغربية، بعد انسحاب وزراء حزب «الاستقلال» من الائتلاف الحاكم. وكشفت مصادر حزبية أن اختيار رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران بدء مشاورات مع فاعليات في المعارضة الممثلة داخل البرلمان لملء الفراغ الذي تركه «الاستقلال» في قطاعات المال والاقتصاد والطاقة والمعادن والصناعة التقليدية والمغتربين والخارجية، ينحو في اتجاه استبعاد خيار الانتخابات. وأوضحت المصادر أن جولات المشاورات المقرر أن تبدأ اليوم تشمل أحزاب المعارضة كافة، باستثناء «الاستقلال» الذي صرح أكثر من قيادي في «العدالة والتنمية» أن التحالف معه أصبح خطاً أحمر. والراجح أن تبدأ الاتصالات بالحزب الحاصل على الرتبة الثالثة في اشتراعيات نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، وهو «تجمع الأحرار» بقيادة وزير المال السابق صلاح الدين مزوار، ثم يليه «الأصالة والمعاصرة» الذي يرأسه التقنوقراطي السابق مصطفى الباكوري القادم من عالم الأعمال والاقتصاد. ويأتي «الاتحاد الاشتراكي» المعارض في رتبة لاحقة. غير أن المشاورات معه لن تزد عن إجراءات شكلية، وفق أكثر من مصدر، كونه اختار العودة إلى المعارضة منذ خريف عام 2011، وهو في طريقه لإبرام تحالف جديد مع الشريك الاستقلالي. وسبق لزعيمه، المحامي إدريس لشكر، أن وصف الحكومة الحالية بأنها تعكس اتجاهاً محافظاً، في مقابل ميله لإحياء تحالفات وقوى اليسار. وعزت المصادر الحرص على الاجتماع إلى قيادة «الاتحاد الاشتراكي»، على رغم استبعاد مشاركته في الحكومة، أنه يعزز حظوظ الشريك المحتمل «تجمع الأحرار» باعتبار أنه قد يكون الأقرب إلى تفهم شروط انضمامه لحكومة بنكيران، وإن كان سيضع بدوره شروطاً لا يبدو تحقيقها سهلاً بالنسبة لرئيس الحكومة. كما سيكون «الاتحاد الدستوري» بزعامة النقابي محمد أبيض آخر حلقة في المشاورات. ووصفت مصادر قريبة إلى الائتلاف الحكومي جولة المشاورات المرتقبة بأنها ستعرض في المرة الأولى إلى امتزاج الرأي ومقاربات الانضمام إلى الحكومة من عدمه، على أن تبدأ جولة ثانية الأسبوع المقبل للبحث في تفاصيل إضافية حول أعداد المقاعد والقطاعات. ولفتت المصادر إلى أن رئيس الحكومة سيكون مضطراً لوضع شريكيه محند العنصر زعيم «الحركة الشعبية»، ونبيل بن عبد الله أمين عام «التقدم والاشتراكية» في صورة نتائج المشاورات، بخاصة وسط ارتفاع أصوات من داخل الحزبين تطالب بإعادة النظر في توزيع الحقائب الوزارية، وفق الوزن الانتخابي. وتقول المصادر أيضاً إنه في حال فشل المشاورات، وهو أمر ليس مستبعداً، ما لم تقدم الأطراف المعنية تنازلات متبادلة، يسود اعتقاد بالاتجاه نحو إيجاد مخرج دستوري للأزمة. لذا فإن الوثيقة الدستورية تعرض إلى اختيار رئيس الحكومة من الحزب الحائز على صدارة الانتخابات في مجلس النواب، لكنها لا تشير إلى بديل ذلك في حال الإخفاق.