انتشر شبان من منطقة الباحة في الطرق الجبلية وبين القرى والأرياف الغائبة عن أعين الجمعيات والمؤسسات الخيرية، فرأوا أسراً متعففة وآخرون نقلتهم الأسفار والأعمال إلى البحث عن موائد للإفطار. لم يكتف مخيم الإفطار الجماعي بشراء وجبات جاهزة من المطاعم أو توزيع الأغذية المعلبة، بل أشركوا الصائمين في موائد إفطارهم اليومية. تحدث عدد من الصائمين الذين استفادوا من جهود الشباب وقت أذان المغرب، منهم فايز الحربي، يقول: «وصلت إلى الباحة لإنجاز بعض الأعمال، وأدركني المغرب في طريقي إلى أحد الزملاء، وتوقفت للإفطار على أن أكتفي بتمرات وشربة ماء، ولكنني لم أجد مائدة الإفطار تختلف عن مائدة أسرتي في المدينةالمنورة، وهذا العمل لم أشاهده قبل ذلك في أية منطقة، ويضيف أبوعبدالإله: «حقيقة هذا الفعل أعادنا إلى قبل ثلاثة عقود وأكثر، عندما لم يكن لدينا إلا زاد بيتنا، لمشاركة الصائمين وإخواننا المستفيدين من الإفطار الخيري، لا سيما أن الماضي لم يكن هناك مطاعم أو محال تجارية داخل القرى والمحافظات الجبلية البعيدة في شعف الوادي. من داخل منزل أحد الأسر المشاركة في تقديم مائدة الإفطار (رفض ذكر اسمه)، قال: «حقيقة لم أجد أي عناء أو تعب، وكان الكبار والصغار في المنزل يعملون بحب وحماسة، في أن يبرزون ما لذّ وطاب من أنواع الطعام، ولكن الغريب أن أبنائي قرروا في ذلك اليوم ألا يبقى لنا إلا تمرات وعبوات من اللبن والماء، بغية ألا يأكلوا مما صنعة أيديهم، بزعم أن هذا الفعل لن يتكرر معهم، إلا في الأعوام المقبلة أو في حالات عارضة لا تتحقق غالباً، بحكم اكتفاء الناس، سواء من وافدين أم عابري طريق». يقول علي أحمد مسؤول الإفطار الجماعي الذي ينظمه المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات في مركز بيضان التابع لمنطقة الباحة: «اخترنا أن تشارك الأسر في تجهيز طعام الإفطار للصائمين، بتداول يومي بين الأهالي، وأسميناه (إفطار صائم للعوائل)، إذ تقوم كل أسرة على تجهيز الإفطار ليوم واحد، سواء بالاشتراك مع أسرة أخرى أو بمفردها، ولكن نظراً إلى الطلب والإلحاح الدائم من الأهالي، نحاول أن نجعل المائدة تقسم على سيدات المنازل». وأضاف: «أعتبر أن لهم قصب السبق في مشروع إشراك الصائمين على موائد الأهالي، لنبتعد عن التقليدية في شراء الأطعمة من المطاعم، وتلك الفكرة حاولنا تعميمها على منطقة الباحة، ولكن تفاجأنا بأنه استشرى وتناولته المراكز والمحافظات المجاورة، ويشارك معنا في هذا الموسم أكثر من 40 أسرة طوال رمضان، ويستفيد منها قرابة ال34 صائماً يومياً من الوافدين والمارين بالطرق».