إضافة الى المسلسلات التي يغلب عليها الإنتاج المصري فإن برامج «المواجهات» أو «المحاكمات» توشك ان تكون قاسماً مشتركاً بين كل الفضائيات العربية في برمجتها الرمضانية. فما ان تدير جهاز تلفزيونك الى إحدى القنوات حتى تجد احد النجوم وقد حوصر بالأسئلة الصعبة و «الجارحة»! في احدى قنوات «النيل» المصرية ثمة برنامج بعنوان «مذيعة من جهة امنية»، وقد بولغ في تصميمه. فالاستوديو في شكل غرفة تحرٍ، وامعاناً في الايحاء ارتدت المذيعة هبة الأباصيري زيّاً عسكرياً، وحولها توزع شرطة وحراسات على طول الممر المؤدي إلى «مكان التحري»! صحيح ان بعض هذه البرامج يهدف إلى ترسيخ قيم كالمكاشفة والصراحة والوضوح والصدق وغيرها، إلا ان غالبيتها تهدف إلى جذب الجمهور باللعب في السيّر الشخصية ل «النجوم» بالفضح المجاني والاحراج الرخيص! في برنامج «الجريئة» على قناة «النيل للسينما» أقرت مقدمته المخرجة ايناس الدغيدي في حوارها مع الممثلة زينة بأن برنامجها يسعى إلى كشف «فضائح النجوم». وأجابت على استغراب زينة من ملاحقة الصحافة لها في كل صغيرة وكبيرة وتعمد فضحها، قائلة: «ما هم زيّنا كدا». ولكن يبدو انها كلمة فلتت من المخرجة المثيرة للجدل، من دون قصد أو في لحظة انفعال عابرة بشخصيتها «الجريئة»؛ فبرنامجها يبدو مهتماً بشخصيتها لا بمن تستضيفهم من نجوم ونجمات. بالتالي فإن موضوع كل حلقة هو ايناس الدغيدي، برصيدها المعلوم من المواجهات في مواضيع الجنس، واسئلتها «الجريئة» لا اجابات الضيوف بالضرورة. واسم البرنامج يتضمن ذلك؛ فالصيغة المؤنثة تعنيها هي لا ضيفاتها أو ضيوفها «الذكور»! ثم ان البرنامج يتيح لضيوفه ان يطرحوا سؤالاً على المذيعة، في جرأة الاسئلة التي طُرحت عليهم، لتجيب عليها مجتمعة في آخر حلقة، نهاية الشهر. وهذا إن بدا بالنسبة الى الضيف كفرصة للأخذ بثأره من المذيعة واسئلتها المحرجة، وإن بدا لبعضهم كطريقة لتغذية فكرة البرنامج بمزيد من التشويق (تعليق وانتظار)، فإنه ايضاً، وربما بصفة أعمق، يرّكز مزيداً من الضوء على «الجريئة» ايناس الدغيدي في حد ذاتها، ويظهرها كمعيارٍ للجرأة في المشهد النسوي العربي، ولكن في الاجابات هذه المرة. وقد يظهر الضيوف - للمفارقة - في اسئلة أقلّ جرأة... الم يكتب شكسبير: العبرة في النهاية!