يرافق التقدير المميز «النضال الأخير» للرئيس الجنوب افريقي السابق نلسون مانديلا في صراعه مع الموت، إذ يصرّ عدد كبير من مواطنيه على البقاء امام مستشفى بريتوريا الذي نقل اليه قبل نحو شهر لتلقي العلاج من التهاب رئوي حاد. ويُفيد الأطباء بأن وضعه «حرج لكنه مستقر». ويشهد على التقدير ايضاً سير شبان على خطى بطلهم في النضال ضد العنصرية، عبر ممارسة رياضته المفضلة الملاكمة في نادي «دونالدسون اورلاندو كميونيتي سنتر» في مدينة سويتو، حيث تدرّب شاباً في الثلاثين، لنسيان صعوبات الكفاح غير المتوازن ضد نظام الفصل العنصري ومآسيه. في المقابل، يشير بعض منتقديه الى اللامساواة الواضحة بين السود والبيض للوم مانديلا على إهماله الشق الاقتصادي خلال المفاوضات على إنهاء ذاك النظام. وفي قاعة مركز سويتو للملاكمة، يبدي شبان جنوب افريقيون افتخارهم باستخدام اثقال «لا تزال صامدة» حملها مانديلا لتنمية عضلاته خلال الخمسينات من القرن العشرين، وبالسير على خطاه في رياضته التي ضمنت احتفاظه بلياقته البدنية خلال فترة سجنه التي امتدت 27 سنة. ويقول المدرب سينكي لانغا: «كان مانديلا رياضياً لذا لا يزال حياً». ويبدي اعجابه بالبطل القومي البالغ 94 عاما من العمر، مؤكداً أنه قلق على صحته «لكنه سينتصر، لأنه مقاوم». ويقول الزعيم المناضل الذي أصبح أول رئيس افريقي لجنوب افريقيا، في كتاب سيرته الذاتية: «لم أكن ملاكماً ممتازاً، ولم أحب عنف الملاكمة، لكنني أعجبت بعلمها، وكانت وسيلتي لكي لا استسلم الا للكفاح السياسي». وتواصلت اسطورة مانديلا الملاكم بسبب صورة التقطها العام 1953 المصور بوب غوساني، واعتمدت لتشييد تمثال للزعيم امام مكتبه السابق في جوهانسبورغ. ورغم الاعجاب الاستثنائي ببطل الحرية والسلام والصفح في جنوب افريقيا، ينتقد قوميون «تفريط» مانديلا بقضية «السود» خلال مفاوضاته مع نظام الفصل العنصري، بعدما أصبح رئيساً العام 1994، ومدّ يده الى اقلية البيض. وقال زعيم حركة «شباب مؤتمر ازانيا الأفريقي» (بايكو) اموكيلاني نغوبيني: «باعنا مانديلا واصدقاؤه تلهفوا لدخول الساحة السياسية العالمية على حساب المعركة من اجل الازدهار السياسي والاجتماعي والاقتصادي الكامل». وذهب نظيره في المؤتمر الأفريقي (باك) سيلو تلادي الى حد القول: «بسبب مانديلا وأصدقائه يستغل المستوطنون اليهود والبيض ثرواتنا وقوة عملنا». وكانت ويني مديكيزيلا، الزوجة السابقة لمانديلا قالت لصحف بريطانية عام 2010: ان «مانديلا تخلى عنا، إذ وافق على اتفاق سيء للسود، وهمّشهم اقتصادياً». وفي مواجهة الضجة العارمة التي اثيرت آنذاك قالت ويني انها لم تدل بأحاديث الى تلك الصحف. وبصرف النظر عن مراعاة جانب انساني يقتضي عدم انتقاد محتضر، لا يأبه مواطنو جنوب افريقيا بالهفوات الصغيرة لمانديلا، بعدما قدم لهم الكثير. ويقول مارك دونس المقيم في الكسندرا: «حتى اذا كانت هناك أمور لم يحسنها لا نتحدث عنها لأننا نعتبره مثالاً». زهور ورسائل تمنيات بالشفاء أمام المستشفى حيث يعالج مانديلا. (ا ف ب)