الفريق أول عبدالفتاح السيسي، الذي بات الآن على ما يبدو رجل مصر القوي، يريد أن يحافظ للجيش المصري على دور رئيسي في البلاد وأن يعيد له «الاحترام والصدقية» اللذين تآكلا على مدى عام ونصف تولى خلالها المجلس العسكري الحكم عقب إسقاط حسني مبارك مطلع عام 2011. لم يتحدث الجنرال شخصياً إلى المصريين المحتشدين في الميادين منذ ثلاثة أيام ولكنه خاطبهم بشكل غير مباشر عبر مروحيات عسكرية حلّقت في سماء القاهرة ملوحة بأعلام عملاقة لمصر فالتقط المتظاهرون الرسالة على الفور وردوا التحية هاتفين ملء حناجرهم «الجيش والشعب ايد واحدة». والاثنين، فور إذاعة بيان الجيش الذي منح فيه مهلة 48 ساعة للرئيس المصري محمد مرسي «لتحقيق مطالب الشعب»، هتف المتظاهرون «انزل يا سيسي .. مرسي مش رئيسي». وكان السيسي بعث برسالة طمأنة إلى المصريين قبل أسبوع من تظاهرات الأحد التي شارك فيها ملايين المتظاهرين. ففي رد غير مباشر على تهديدات قيادات إسلامية بالتصدي بالقوة لتظاهرات 30 حزيران (يونيو)، أكد السيسي في تصريحات في 24 حزيران (يونيو) انحياز الجيش «لإرادة الشعب» وقال إن «الموت أشرف لنا من أن يمس أحد من شعب مصر في وجود جيشه»، مضيفاً: «ليس من المروءة أن نصمت أمام تخويف وترويع أهالينا المصريين». السياسيون والصحافيون المصريون الذين تعرفوا على الجنرال الصاعد يؤكدون أن همه الأساسي منذ توليه منصبه كوزير للدفاع في آب (أغسطس) الماضي كان رد الاعتبار للجيش المصري وانه، مثل الغالبية العظمى من قيادات الجيش الحاليين والسابقين، يشعر «بغصة» من شعار «يسقط حكم العسكر» الذي ارتفع في التظاهرات أثناء فترة حكم المجلس العسكري. ويقول الكاتب في صحيفة «الشروق» عبدالله السناوي، الذي التقى السيسي مرات عدة، إن الجنرال البالغ من العمر 58 سنة والذي انضم للمؤسسة العسكرية في عام 1977 «أبدى بوضوح تأسيه لما لحق بصورة الجيش ومصداقيته» خلال إدارته للمرحلة الانتقالية عقب إسقاط مبارك. وعلى رغم أن السيسي لا ينسى للمشير حسين طنطاوي، بحسب السناوي، انه كان دائماً يعتبره «ابنه» وانه كان وراء تدرجه في القيادة حتى أصبح رئيساً لجهاز المخابرات الحربية، فإنه يدرك الأخطاء التي ارتكبت والمشكلات التي كانت تعاني منها المؤسسة العسكرية. وقال السيسي نفسه أكثر من مرة بعد توليه قيادة الجيش إن تركيزه الأساسي سيكون على «رفع الكفاءة القتالية للقوات المسلحة». ولكن الجنرال، الذي جدد الدماء في قيادة الجيش المصري، «يرفض أي اختراق للقوات المسلحة من جماعة الإخوان المسلمين أو أي حركة سياسية أخرى»، وفق السناوي. ويعرف السيسي جيداً العديد من قيادات الإخوان وهم يعرفونه جيداً، إذ أن الرجل أدار، بعد سقوط مبارك، حوارات عدة مع الأحزاب والحركات السياسية المختلفة والتقى مرات عدة قيادات الإخوان المسلمين. وعندما عينه مرسي وزيراً للدفاع العام الماضي، سرت إشاعات وتكهنات بأنه «إسلامي الهوى» ولكن السناوي يؤكد انه «مثل الغالبية العظمى من المصريين رجل متدين وقومي النزعة وهو معجب مثل الكثيرين من أبناء المؤسسة العسكرية بشخصية جمال عبدالناصر». ولد السيسي في القاهرة في تشرين الثاني (نوفمبر) 1954 وحصل على بكالوريوس العلوم العسكرية من الكلية الحربية المصرية في عام 1977 ودرس بعد ذلك في كلية القادة والأركان البريطانية عام 1992 وفي كلية الحرب العليا الأميركية في عام 2006. والفريق أول عبدالفتاح السيسي متزوج وله أربعة أبناء.