بدأت وتيرة نقد مهرجانات بعض المناطق والمدن التي تنظم بمناسبة الإجازة الصيفية ترتفع وتقترب من الواقع، وأصبح الشباب يعلقون بأن مهرجانات بعض المدن عبارة عن خيمة تسوق وألعاب نارية منذ العصر الحجري وحتى العصر الحديث. أعتقد أن هذا النقد جيد حتى تخرج كثير من المدن والمناطق عن روتينية ما تفعل ورتابته، فالفكرة أن يتم جذب الناس ثم إسعادهم عبر الترفيه عنهم، وهذا الترفيه ليس بالضرورة أن يقدم الفائدة دوماً بقدر ما هو مهم أن يقدم المتعة، المتع البريئة لجميع أفراد العائلة، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن النساء والأطفال هم الهدف الرئيس غالباً، وقلما تجد من يفعل شيئاً للشباب والرجال، وفي هذا أحياناً تسويغ لسفرهم وحدهم. لست بصدد مدح محترفي السياحة وجذب الزوار الذين ينفقون بسخاء بل سأذهب إلى مدح تجارب وطنية ينبغي التركيز عليها والانطلاق من فكرتها المرتكزة على استغلال طبيعة المنطقة والمدينة، فمثلاً أعتبر أن مهرجانات مثل «رالي حائل» و«زيتون الجوف» و«التمور في القصيم»، و«الحريد في جازان» وغيرها إن وجدت، هي الأفكار التي يجب تطويرها، بمعنى أن تتوسع لتكون مهرجانات حقيقية كبرى تضاف لها بعض اللمسات والأفكار لتحقق جذب يرتقي إلى مستوى جعل السياحة مصدراً لدخل المنطقة والناس فيها. أيضاً يجب أخذ عامل الطقس في الحسبان، فالمهرجانات الصيفية في المناطق الحارة يصعب نجاحها خصوصاً مع عدم توفر أماكن مغلقة للفعاليات سوى الأسواق الكبرى، وهذا ما يجعل المهرجانات ترتكز على مبدأ التسوق فقط، بينما الأصل أن الفكرة يجب أن تكون الارتكاز على مبدأ الترفيه، وأعتقد أن مثل هذه المناطق يجب أن تكون مهرجاناتها في الشتاء لجمال طقسها وإمكان الاستفادة من الصحاري حولها بتنظيم سياحة «السفاري» التي لا نراها إلا لبعض الأجانب والديبلوماسيين وتحت مظلة وحراسة حكومية. إن بعض الخيام في بعض المناطق تشويه حقيقي لها، وأعرف عن قرب تجربة خيمة التسوق في مدينة الطائف التي أزورها سنوياً، وأجد طريقة عملها وإدارتها بدائية جداً، وما يحيطها من طعام غير صحي و«بسطات» مزرية الشكل والنظافة يجعلني أضم صوتي للشباب الساخرين من مهرجانات الخيام والألعاب النارية وبعض الصراخ، فمدينة مثل الطائف لا تحتاج إلى مثل هذا بطبيعتها الخلابة وطقسها الجميل، هي فقط تحتاج إلى توفر رحلات طيران وفنادق على مستوى أرقي لأن الموجود قليل. يمكن صنع الكثير وأحسب أن أمراء المناطق وأمناء المدن لا يمانعون أن ينفذوا أشياء جديدة مبتكرة لكن يبدو أن المشكلة في المنظمين الذين يعانون فقراً في الأفكار، ويديرون هذه المهرجانات في شكل تجاري بحت لمصلحتهم أكثر من مصلحة المدينة، وهم يدورون على الشركات والهيئات الكبرى لتجميع الرعاة حاملين خطابات رسمية ينجح الحياء أحياناً ممن يوقعونها في جلب أموال الرعاية، لكن ذلك لن يستمر ولن يدوم، ويجب العمل على إنتاج المال من السياحة، وذلك لا يتم إلا بتقديم منتج سياحي حقيقي وليس للاستهلاك الإعلامي لبلدية المنطقة أو المدينة. [email protected] mohamdalyami@