اعتبرت لجنة تحقيق الأممالمتحدة حول سورية في تقرير لها أمام «مجلس حقوق الإنسان» أمس، أن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب أصبحت «واقعاً يومياً» في سورية، مشيرة خصوصاً إلى الشبهات باستخدام أسلحة كيماوية والمجازر واللجوء إلى التعذيب. واعتبرت لجنة التحقيق أن «هناك دوافع معقولة للاعتقاد بأن كميات محدودة من منتجات كيماوية استخدمت»، وأشارت إلى أربعة حوادث تم خلالها استخدام هذه المواد، لكن تحقيقاتها لم تُتِحْ حتى الآن تحديد طبيعة هذه العناصر الكيماوية وأنظمة الأسلحة المستخدمة ولا الجهة التي استخدمتها. والحوادث الأربعة وقعت في خان العسل قرب حلب في 19 آذار (مارس) والعتيبة قرب دمشق في 19 اذار (مارس) وفي حي الشيخ مقصود في حلب في 13 نيسان (أبريل) وفي مدينة سراقب في 29 نيسان (أبريل). وقال رئيس اللجنة البرازيلي باولو بنييرو «لدينا مقابلات مع ضحايا ولاجئين وأعضاء من الطواقم الطبية وشهود آخرين» عن استخدام قوات الحكومة السورية ومقاتلي المعارضة أسلحة محظورة، إلا أن معظم الشهادات كانت متعلقة باستخدام القوات الحكومية هذه الأسلحة. لكن اللجنة أوضحت أن النتائج التي توصلت إليها غير قاطعة، وأن من المهم أن يسمح لفريق آخر من المحققين عينه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بدخول سورية بحرية كاملة لجمع العينات من الضحايا والمواقع التي يزعم أنها تعرضت للهجوم. وقالت القاضية السويسرية كارلا ديل بونتي عضو لجنة التحقيق: «فوجئت كثيراً بالعنف وبقساوة الأعمال الإجرامية، لا سيما أعمال التعذيب. وهناك عامل آخر أثار قلقي أيضاً هو استخدام أطفال في المعارك وهم يتعرضون للقتل والتعذيب». وأضافت أن «المحاسبة ستحصل في كل الأحوال». ويتهم المحققون الجيش بارتكاب جرائم وأعمال تعذيب واغتصاب وأعمال أخرى غير إنسانية. ويتلقى الجيش السوري مساعدة من مقاتلين أجانب ومن «حزب الله» اللبناني. وقال بنييرو رئيس لجنة التحقيق إن «عدداً من هذه الأعمال ارتكب في إطار هجمات معممة وممنهجة ضد المدنيين». وأضاف أن «وحشية النزاع في سورية بلغت مستويات جديدة»، مضيفا أنه للمرة الأولى «يشير التقرير إلى فرض حصار بشكل منهجي واستخدام عناصر كيماوية ونزوح قسري». وتابع أن «جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وكذلك انتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان تتواصل من دون هوادة»، مندداً بالغياب التام للعدالة. ولجنة التحقيق التي أعدت لائحة سرية بأسماء أشخاص ضالعين في انتهاكات حقوق الإنسان في سورية طلبت مرات عدة لكن بدون جدوى من مجلس الأمن رفع الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية. ويتهم التقرير أيضاً الجيش بقصف بعض المناطق بشكل متواصل وإطلاق صواريخ أرض-أرض، وكذلك قنابل انشطارية وحرارية. وقال أيضاً إن الجيش المدعوم من «اللجان الشعبية» يحرم المدن من وصول المواد الغذائية والأدوية بهدف منع توسع المجموعات المسلحة وإرغام السكان على النزوح. وتتهم اللجنة أيضاً مجموعات المعارضة المسلحة بارتكاب جرائم حرب، وبينها إعدامات خارج إطار القضاء وأعمال تعذيب أو تعريض حياة سكان للخطر عبر إقامة أهداف عسكرية قرب مناطق مدنية، لكنها لفتت مرة أخرى إلى أن هذه الفظاعات لم تبلغ مستوى وحجم تلك التي ارتكبتها القوات الحكومية والميليشيات التابعة لها. وخلا التقرير من تفاصيل حول ما يجري في مدينة القصير المحاصرة، وينتظر أن تقدم اللجنة تقريرا خاصا في ايلول (سبتمبر) المقبل حول ما يجري في هذه المنطقة.