حضرت الملتقى العلمي الثاني الذي تنظمه الجمعية السعودية للعلاقات العامة والإعلان (سابرا) بمدينة الرياض، خلال الفترة من «2 - 3/ 7 -1434ه»، (12 - 13 أيار/ مايو 2013)، وذلك تحت عنوان إعلام العلاقات العامة: مقومات النجاح ومسببات الإخفاق، وذلك بمشاركة عدد من الباحثين والمهتمين بالإعلام من الممارسين والمهنيين من داخل المملكة وخارجها، إذ كانت هناك الكثير من الأسماء المعروفة في مجال العلاقات العامة، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي. لوحظ في هذا الملتقى وللمرة الثانية غياب الإعلان ووكالاته، علماً بأن الجمعية هي للعلاقات العامة والإعلان، والحقيقة أعتقد أن هناك عتباً على وكالات الإعلان التي تعتبر المملكة سوقها الأول، لكن أعتقد أن السبب هو أن العاملين في سوق الإعلان هم من الجنسية غير السعودية، خصوصاً في مجال الإنتاج والغرافيك، ولذلك ليس من المستغرب أن نرى أن المشاركة معدومة من هذا القطاع المهم والحيوي في صناعة الإعلان. كانت حلقة النقاش والحوار التي اختتمت بها أعمال الملتقى، مثار اهتمام وفتحت الباب على مصراعيه للبدء بحوار بناء حول العلاقة بين ممارسي العلاقات العامة ورجال الصحافة بأشكالها كافة، إذ كانت الآراء متباينة حول هذه العلاقة، سواء من رجال العلاقات العامة أو رجال الصحافة، التي أدت في النهاية إلى الاعتراف بوجود خلل في العلاقة بينهم، تنعكس بشكل سلبي على مصلحة الجمهور في معرفة ما يدور في المؤسسات الخاصة والحكومية. ما يتعلق بالعلاقات العامة فهناك مثلث يتكون من الجمهور والوسائل والمؤسسة، ويملأ محيط هذا المثلث الداخلي العلاقات العامة، التي يفترض أن تقوم بتزويد الجمهور بالمعلومات الصحيحة والدقيقة حول مؤسساتها عبر وسائل الإعلام، وهنا تبدأ قضية التوافق بين العلاقات العامة والوسائل حول محتوى المعلومات، فكلا الجانبين يفسر دوره بحسب أولوياته واهتماماته، بينما الحقيقة أن من يشكل هذه العلاقة والدور هو البيئة التي تعمل بها هذه المؤسسات والجمهور، ولذلك من المعروف أن أدبيات العلاقات العامة الحديثة يفترض أن تقوم على ما يُسمى الآن ب«ThreeTs» وهي الحقيقة «Truth»، والثقة «Trust»، والشفافية «Transparency»، وهي المرتكزات التي تعمل العلاقات العامة في ضوئها الآن، فالشفافية والحقيقة والثقة تجعل العلاقات العامة تكسب رضا جماهيرها وهو ما يتوافق مع النماذج التطبيقية الحديثة لرواد العلاقات العامة في الغرب كجيمس غرونق «Games Grunig» وغيره، وتبتعد عن تجاهل الجمهور، مقتربة منه إلى حد المشاركة، وهو ما نراه في الوقت الحاضر في الكثير من الشركات والمؤسسات الحكومية التي بدأت تسعى جاهدة لتطبيق هذا النهج، أي أن العلاقات العامة تطورت في ممارستها من نظرية التجاهل، مروراً بالاستماع للجمهور إلى الوصول للمشاركة. ما يتعلق بالصحافة، فقد تطورت أيضاً الوسائل بشكل كبير جداً تقنياً، وأصبحت الصحافة الآن أحد المرتكزات الرئيسة لإيصال الرسالة، وظهور مصطلح صحافة المواطن ما هو إلا دليل كبير على المدى الذي وصل إليه تطور الصحافة تقنياً وممارسة، لذلك لا بد لممارسي العلاقات العامة من مواكبة تطور الوسائل بالتأهيل الذي من خلاله يستطيع رجل العلاقات العامة أن يتعامل بكل مهنية مع رجل الصحافة، لذلك يعتقد الكثير من خبراء العلاقات العامة والصحافة أن عدم وجود التأهيل الكافي للطرفين هو ما خلق نوعاً من الضبابية في العلاقة بينهما. أعتقد أن الضاغط على الطرفين هو وعي الجمهور وتطور الوسائل، لذلك يجب أن يواكبها تطور من الجانب الآخر، ففي العملية التفاعلية بين المؤسسة والجمهور هناك طرفان هما المؤسسة والجمهور، والعمود الفقري لهذه العملية التفاعلية هو الاتصال، والاتصال يحتاج إلى وسائل لإيصال الرسالة إلى الجمهور، وهنا تبدأ عملية العلاقة الضبابية بين الطرفين، من هنا أعتقد أنه يجب العمل على التأهيل الجيد للطرفين، فبالنسبة لوسائل الإعلام لدينا هناك غالبية ساحقة من العاملين هم من المتعاونين، وغير متخصصين، وتستفيد منهم وسائل الإعلام بتوفير مبالغ الرواتب، ما ينعكس سلباً على التغطية الإعلامية ووصول الرسالة إلى الجمهور، ويخلق صورة نمطية لدى العلاقات العامة غير جيدة بالنسبة لرجال الصحافة. أما الجانب الآخر وهم العاملون في العلاقات العامة فحدث ولا حرج من ناحية التأهيل، حتى أنه بدأ يطلق على العلاقات العامة مقولة «مهنة من لا مهنة له»، إذ يعمل الكثير من غير المتخصصين فيها كممارسين، ما يجعل إدراكهم لأهمية العلاقات العامة ودورها وعلاقتها مع وسائل الإعلام غير صحيح، وكذلك عدم القدرة على إيصال أهميتها إلى الإدارة العليا، ولذلك الخاسر الأول هو الجمهور. أعتقد أن العلاقة بين ممارسي العلاقات العامة ورجال الصحافة حتمية، ولا يمكن لأي منهما الاستغناء عن الآخر، حتى أطلق عليهم لقب «الإخوة الأعداء»، فرجال العلاقات العامة يعتقدون أن رجال الصحافة دائماً يبحثون عن الإثارة والفضائح ويغفلون الجوانب الإيجابية للمؤسسة، بينما يعتقد رجال الصحافة أن ممارسي العلاقات العامة يقدمون لهم الأخبار الإيجابية ويلمعون المؤسسة، ويخفون السلبيات، والحقيقة أن الطرفين لا يستطيعان الاستغناء عن بعضهما البعض، بسبب أن رجال الصحافة يحتاجون العلاقات العامة كمصدر للأخبار، ورجال العلاقات العامة يحتاجون الصحافيين كناقل للخبر. أعتقد أن الملتقيات التي تعقدها الجمعية السعودية للعلاقات العامة والإعلان سوف تسهم في تطوير الممارسة في جميع جوانب العملية الاتصالية، لأن هذه الجمعية المتخصصة أصبحت حاضنة للبحوث والنقاشات في مجال العلاقات العامة والإعلام، وبشكل منهجي ومؤطر يستفيد منه الجميع، سواء على المستوى الأكاديمي أو المهني. * أكاديمي سعودي. [email protected]