استقبل حجاج بيت الله الحرام يوم أمس (الأحد)، على صعيد منى أول أيام التشريق، وثاني أيام عيد الأضحى، إذ رمى ضيوف الرحمن في هذا اليوم الجمرات الثلاث، مبتدئين بالجمرة الصغرى فالوسطى ثم جمرة العقبة، بعد أن رموا أول من أمس جمرة العقبة، من دون حوادث تذكر، إذ نجحت خطط ضبط تدافع الحجيج في الجمرات وتمت بكل يسر. في حين جسدت ساعات آخر الليل «ملحمة» لتدافع أجساد نائمة، أبطالها «المتعجلون» وساحتها لوحات ذات وجهين «بداية / نهاية منى» وأدواتها «فراش قماشي» وغنائمها «بضعة سنتيمترات داخل الحدود الشرعية» يظفر بها الحاج رافضاً أن يتجاوز لوحة «نهاية الحد» ولو ببوصة واحدة ليلقي جسداً مرهقاً ناثراً تعب يوم كامل بين «رمي جمرات» و«نحر للهدي» و«حلاقة للرأس». يتدافعون وهم نائمون، يتركون المساحات الشاسعة ويزدحمون في آخر سنتيمترات، غايتهم المبيت لساعات، متعلقين بأحرف كلمة «منى» المدوّنة في اللوحة لتعطيهم أماناً روحانياً يستظلون به في مجابهة لحظات انتظار شروق الشمس ليسارعوا لرمي الجمرات والتوجه للديار. حينما تتجول ليلاً في منى ترى «أعراقاً عدة» و«أجناساً مختلفة» و«ثقافات متنوعة» و«لغات متباينة» بعضهم «يحمل تصريحاً» للحج والآخر «دخل للمشاعر خفيةً»، غصت بهم منى بجبالها وطرقاتها وأرصفتها تجمعهم الرغبة في تحقيق المبيت بمنى كواجب من واجبات الحج متخلين عن كل «بروتوكول» يجعل افتراشهم للطريق مظهراً غير لائق، كأنهم في «انعتاق روحي» بأعين مغمضة متجهة للسماء وابتسامة ارتياح، لا يلتفتون لحرارة «الأسفلت» ولا لقسوة «الأرصفة» ولا ل «ذرات الغبار» المتطايرة في التراب، ولا ل «عوادم السيارات» الخانقة مغامرين بصحتهم وأجسادهم، ولا ل «نداءات رجال الأمن» التي تمنع الافتراش. وقال عضو مجمع الفقه الإسلامي الدكتور حسن بن محمد سفر: إن الافتراش «مكروه كراهية عظمى» قد تصل إلى «التحريم» إن كان فيه ضرر وتعطيل للطريق، فالشارع الحكيم شدد على إعطاء الطريق حقه وعدم امتهان كرامة الإنسان وكل هذا واقع في الافتراش، والفقهاء أجازوا أن يقضي من تعذر له المبيت المهيأ أن يبقى ل «سويعات» لا تتجاوز الثلاث متجولاً في منى ويجلس في مواقع عدة «دون أن يطيل البقاء».