الأحزان والأمراض تتجمع في منزل صغير بالإيجار، هذا هو عنوان المأساة الحقيقية التي يعيش فصولها الشاب خالد لحظة بلحظة. معاناة لا تنتهي، وهم طال مع الصعوبات التي واجهها في حياته ولا يزال. سبع شقيقات معوقات، والدة تعاني من اضطرابات نفسية، عمة مطلقة لا مأوى لها، وعلاوة على ذلك ظروف مالية سيئة وديون أحالت حياته إلى جحيم لا بوادر قريبة للخروج منه، إلا بفضل من الله ورحمته. ويقول خالد: «لا أعرف من أين أبدأ، الألم والحيرة حولاني إلى شخص مكتوف الأيدي، خصوصاً أنني كلما أحاول البدء ليوم جديد تعود المعاناة مرة أخرى»، موضحاً أن محاولة التفكير في حل باتت تشكل كابوساً يومياً يزيد من أوجاعه ويضاعف همومه. ويضيف: «لديّ سبع شقيقات معوقات، أو لنقل مصابات بالتخلف العقلي، إضافة إلى شلل كامل، تبلغ الكبرى منهن 37 من عمرها، فيما تبلغ الصغرى 23 عاماً». ويتابع خالد: «تراكمت عليّ الديون بسبب كثرة المصروفات، وحرصي على سداد إيجار المنزل، فلا يوجد مكان يمكن أن يضمنا سوية لو طردنا منه»، مضيفاً: «أعيش أنا وزوجتي ووالدتي التي تعاني من اضطرابات نفسية وشقيقاتي المعوقات، إضافة إلى عمتي المطلقة». ويستطرد: «الوضع الصحي الذي تعاني منه والدتي وشقيقاتي لا يسمح لي بالبحث عن مصدر رزق آخر، فلا أستطيع أن أتركهن داخل المنزل، فزوجتي لا تستطيع السيطرة على شقيقاتي وحدها، إذ كثيراً ما تحدث مشاجرات بينهن لسبب أو لآخر، ولا نستطيع إلا أن نتعامل معهن كالأطفال، فهن ضعيفات ولا يستطعن مساعدة أنفسهن»، مستدركاً أن شقيقاته في حاجة ماسة إلى منزل بمواصفات معينة بسبب الإعاقة، «هذا ما لا أستطيعه، بل ولا أستطيع توفير أقل درجات السلامة لهن في ظل وضعي المادي السيئ». وعن الإعانة المادية التي تصرف لشقيقاته، يوضح شقيق المعوقات: «لديهن متطلبات مثل الأدوية وأدوات النظافة تذهب بمبلغ الإعانة كاملاً، بل وأضيف إليه من عندي، الأمر الذي يجعلني عاجزاً عن توفير الضروريات الأساسية للأسرة من مأكل ومشرب وملبس، خصوصاً في ظل غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار». ويعتبر خالد أن الهم الأكبر الذي يكرس حياته له هو الوضع الصحي للمعوقات السبع، «هن في حاجة إلى تأهيل، ولم أستطع توفير ممرضات لمساعدتهن في ممارسة حياتهن، ودائماً في ما بينهن تحدث مشاجرات، ولا نستطيع عمل شيء في هذا الجانب». وعلى رغم غلبة الدين والحزن الذي يعتريه، إلا أن خالد لا يزال متشبثاً ببعض الأمل، «الحزن شيء اعتدته، ومع أنه شعور فظيع أن تعيش هذه الظروف وليس لك دخل سوى 800 ريال، إلا أن الحزن لم يعد يسيطر عليّ، ولكن القلق بدأ يتسلل إلى نفسي أخيراً، فأنا أعيش كوابيس بسبب خوفي على مستقبل الأسرة في شكل عام، إذ لا أعرف من أين أوفّر لهن السكن المناسب، ومن المؤلم أن تتحدث عن حاجة أفراد أسرتك لمعالجة ما عجزت عنه، ومع ذلك لم أفقد الأمل». ويأمل الشاب خالد من المسؤولين في وزارة الصحة ووكالة الضمان الاجتماعي النظر إلى ظروف شقيقاته ووالدته بعين العطف، «لا أريد سوى زيارة لمشاهدة الواقع في المنزل، الأنظمة المطبقة حالياً تعامل الناس وكأنهم يعيشون حالاً واحدة أو وضعاً متشابهاً، بينما حال أسرتي تختلف، وإن لم يحدث تفاعل من هاتين الجهتين، فاعلم أن مستقبل جميع أفراد الأسرة مظلم، بمن في ذلك زوجتي المسكينة».